سفر الأحزان
بقلم سعيد ألعنزي تاشفين
صخرة سيزيفية في ذاكرة المسافة ها هنا ، أو ها هناك ؛ و كلّ الأمكنة عندك منفى ، و حتّى النهايات في قساوتها غالبا تظنّها مبتداك ، فتدور حولك التّفاصيل مٌحمّلة بأثقال صمتك ، و هذه المسافات الماكرة كلما تعبت ، وهي تُعلن في دربك معارك توقِد في المسير ألف حكايةٍ على شرف التّعب العظيم؛ وها هي مجدّدًا تتحرّش بالقلب وتُذكّره بقساوة الغياب . واللائي خبرتَهُنّ، كيف الحالٌ، وهل يا تَرى تَعرفنَ حُزن حزنِه، وكيف الكمانجات دومًا لديه مَلحمة وصالٍ لا تجيءُ إلاّ في المواعد التّتْرى؛ و كانت قيسمة الوصال معك ضيزى .
حزن ذاتكَ ، وحزن البلادِ ، وحزن الدّروبِ و المسافاتِ ؛ كلّ ما بقي من بطولاتكَ ، أم هو حزن الرّحيمة التي تولد من رحم النّصوص التي تؤثث ثنايا شذراتكَ خيالاً ؛ فأنت المنهزمُ في كل فجيعةٍ في ثنايا النّبضِ ؛ تحيا في روح حرفكَ حيواتٍ أخرى ، و ذلك الحزن واقفا على باب القلب ينتظرُ متربّصًا ليُصيب الكمانجات التي تحيا بين سُطور الشّذراتِ النّافرة؛ فيُرديها قتيلة؛ ويمضي، ثم ينتهي السّرد على فاجعة النهاية. وهذه الكلمات ، بوجعها و لذّتها ، من لفظ البعيد من الأمكنة و من الهُتاف على ضجيج صمتكَ ، و من تكاثف الرّصاص فوق الحرف حيث يُسقط فوق الجرح ما تيسّر من الأشياء والكلمات ؛ والمزيد من الضحايا حكايا أخرى تُولد في مخاض الدّروب النّحيفة التي تختزن آهّاتٍ وفيّاتٍ في معرض الرّحيل و التّرحال من أنينٍ إلى أنينٍ ، و من بوحٍ إلى صمتٍ ، و من شذرةٍ إلى مراسيمَ دفنِها .
تُرى كم بقي من إرادةٍ للحرفِ ومن إراقةٍ للنّبض بمقصلة الجفاء ؛ صبرًا صبرًا ، تعبًا تعبًا ، رحيلاً رحيلاً يا ذاك القلب ، و يا حرفكَ ، و يا معشرَ الكمانجات ، و يا نفرَ المغتربِين مثل الحرفِ في غياهب الاغتراب؛ و مَن يدري لعلّكم يومًا تأتون بالودق من عميق جوفِكم لسقي حواشي حُلمكم الجميل و الذي أصابه التّعب في كنف المآل؛ فهل من مُدّثّر ؟!