هل قيادة التقدم والاشتراكية عاجزة عن ايقاف النزيف الداخلي؟

فؤاد الجعيدي
الحزب عاجز اليوم عن تدبير خلافاته الداخلية، بما يقتضي الوضع من حكمة وتبصر.. مبادرة سنواصل الطريق لم تكن مشروعا انشقاقيا، بقدر ما هي حركة من الداخل الحزبي، وكانت لها الجرأة لمساءلة الحزب عن تحالفه الهجين مع العدالة والتنمية، وعن تخليه عن أسس الحرية وحماية الحق في الاختلاف والتقدير السياسي للأوضاع بين الرفاق، بعدما وصلت الاختيارات المنتهجة من طرف الأمين العام إلى بابها المسدود، سيما في تدبيره للاستحقاقات الأخيرة وانفتاحه على قوى غريبة سياسيا وإيديولوجيا عن الطبيعة الطبقية للحزب.
المبادرة التي أتى بها بعض الأعضاء من القياد الوطنية للحزب، ولجنته المركزية والتي دعت إلى مصالحة وطنية كبرى بين الرفاق، ليسترد الحزب عافيته التنظيمية، تم الرد عليها بإبعاد مسؤولين وطنيين، انتخبهم مؤتمر وطني كأعلى سلطة تقريرية، ولا يحق لأي كان أن يستخدم مقصلته الخاصة كما يفعل اليوم نبيل بنعبد الله.
كرة الثلج وصلت لتنظيم الشبيبة الاشتراكية، التي تبنت الوثيقة وصارت تشحذ لها، الدعم والمساندة.
أعضاء الشبيبة تلقوا نفس الرد، لكن المضحك والمبكي في الحكاية، أن قيادة الحزب، تستنجد بلجنة المراقبة السياسية التي لا وجود لها إلا في مخيلة من عمل على تعطيل وظائفها.
كل المؤشرات تفيد، أن الحزب إن أراد الاستمرار في الحياة السياسية المغربية وفي مشهدها عليه إعادة تقدير الأمور.. فهو اليوم يعطي نموذجا عبثيا لحكاية ( كون كان الخوخ يداوي كون دوا راسو ) فمن لم يستطع تدبير داخل البيت كيف سيقدم نفسه للمغاربة، أن له تصورات وحلول للقضايا السياسية والاجتماعية التي يعيشها مواطنو الألفية الثالثة؟
لقد خرج حزب التقدم والاشتراكية من تجربة تسيير الشأن العمومي أكثر ضعفا ولم يشفع له التواجد على مدى العقدين الماضيين، من تطوير أدائه التنظيمي والتجذر في المجتمع باعتباره حزبا عريقا عمر منذ أربعينيات القرن الماضي، وصمد أمام هزات عنيفة في اختباره للعمل السياسي العلني والسري، وكان يخرج من محنه أكثر قوة وصمودا، وعرف بذكاء مناضليه كيف يبني قيما اشتراكية ملائمة للتربة المغربية ويحقق الاحترام لدى الخصوم قبل الأصدقاء.
هذا الإرث الوطني يوجد اليوم من يريد تحويله إلى مقاولة سياسية، يمارس بها الابتزاز السياسي ليس إلا. وهو نفس الابتزاز الذي يتذوق المناضلون من مر علقمه.
لقد أبان الشاب من أعضاء المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية في بيانهم على نضج سياسي رفيع ، على اعتبار أنهم معنيون مباشرون بالحياة السياسية الحزبية في أوضاعها وتطوراتها، وعبروا بقوة على مخاوفهم من الانحرافات التي عرفها ويعرفها حزبهم، ثم توجهوا بقوة إلى حكماء الحزب ودعوته للخروج من صمته، ويطالبونه بالتخل العاجل لحماية الحزب وتراثه من الانحرافات التي يعرفها ويصرون على النقاش الوطني المسؤول والبناء للخرج من هذه الضائقة السياسية التي يجتازها حزبهم.
فهل سيجد بيانهم صدى لدى من تبقى من العقلاء، أم أن درا لقمان ستظل على حالها وهي على مشارف هاوية لا تبقي ولا تذر؟