هل صار التقدم والاشتراكية، نموذجا للتهريب السياسي
فؤاد الجعيدي
لا يوجد اليوم في قيادة التقدم والاشتراكية، من تمكن من تبخيس وثيقة ( سنواصل الطريق ) وهناك حالة من الارتباك في التعاطي معها، وكل الخرجات التي كانت حولها بدءا من الأمين العام نبيل بنعبد الله ومرورا لمن أراد أن يلتف عليها من الديوان السياسي بتبني بعضا من أفكارها، لم يسعفه الحظ لحسن التخلص من تداعياتها القوية اليوم على المشهد السياسي الوطني.
الوثيقة بدون لف ولا دوران، كانت وثيقة سياسية وتنظيمية، وكانت جريئة في فضح المسكوت عنه الذي عجزت الألسنة عن التداول فيه، فيما يخص التحالف مع الاتجاه اليميني الذي قاد البلاد إلى التراجع عن مكاسب تهم بالأساس الطبقة العاملة، وعملت على تقييم التراجع المسجل لدى قوى اليسار، والتدبير السيئ للأمين العام للمحطات الانتخابية، ورهانه على الوافدين الذين ليست بينهم وبين الحزب وتراثه النضالي والسياسي أي تعاطف..
لكن ما سجل بقوة، وهو الهزيمة النكراء للأمين العام وسقوطه الشعبي في دائرته الانتخابية، لكنه في المقابل ظل متشبثا بقيادة الحزب والعمل على تفتيته بالتخلص من كل المعارضين ودون ذرة من الحياة.
كان من الضروري أن يحدد التنظيم الوطني للحزب، موقفه مما جرى ويجري داخل الحزب,، لكن تهريب اللجنة المركزية عن المقر الوطني وتطعيمها، بنكهات غير سياسية يفيد أمرا واحدا:
أن هناك تراضي مطلق بين كل أعضاء المكتب السياسي، وأن الأفواه المغلقة والعيون التي لا ترى، لا يهمها في الواقع مصير الحزب، إنما تحاول الحفاظ على مواقعها بعدما بات تراث الحزب، بكل شهدائه وتضحياته، لا يصلح سوى لجلب المنافع، لمن أدرك أن النضال الوحيد والممكن اليوم هو خوض حرب داخلية ضروس ضد من يناضل ويؤمن أن هذا الحزب، وجد أساسا لتأطير المستضعفين والكفاح معهم وبجانبهم وعدم المساومة على مصالحهم في الاتفاقات السياسية.
لقد توفق الأمين العام في تدجين من كان بالأمس يتنطع، وجعل منه الذراع للتآمر على التنظيمات وإقبارها..
قد ينجح هذا الاتجاه وقد يتجذر ويتنفس كما شاء لو تم اختيار اسم جديد له في الساحة السياسية، وأن رغبة إنشاء حزب جديد قد راودت في وقت سابق نبيل بنعبد الله، يوم رأى أن الأمانة العامة ذهبت إلى اسماعيل العلوي، وظل فيما بعد يمني النفس أن يصير أمينا عاما، ولما تأتى له ذلك، صار يعمل في التهريب السياسي ..
المهربون لا ينضبطون لقوانين المجتمع، إنما يختبؤون ويغيرون أنواع الماركات، ويخرجون للناس بكل ما هو مخالف للحقائق، وقد يكون كل هذا نوع من أنواع التضليل الذي وجد له اليوم حاضنة، يشرف عليها شخص لا تتوفر في مواصفات أمين عام يساري لأنه لم يسبق له في حياته أن ناضل في يوم من الأيام.