التضليل السياسي وتداعياته

التضليل السياسي وتداعياته
شارك

فؤاد الجعيدي

أول ما استخدمت كلمة التضليل السياسي، كانت في سياق بلاغ صادر عن القصر الملكي، والذي جاء بوصف المضلل في حق الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية السيد نبيل بنعبد الله.

والذي كما العادة يأخذه بعض الهذيان في عدم القدرة على لجم لسانه، لإصدار شطحات كلامية لا تنسجم مع رجال السياسية. حيث صرح بأن هناك تحكم في اللعبة السياسية وكان هذا التعبير المبطن يتقصد فؤاد عالي الهمة.

فؤاد عالي الهمة هذا هو من عمل على تذويب الخلافات بين الفرقاء السياسيين، على عهد حكومة بنكيران ويسر لها الطريق لتشكيل الحكومة التي خرج منها السيد نبيل بحقائب وزارية لم تكن لتنسجم مع وزن الحزب في التمثيل الانتخابي.

لكن لم يغفر له أن يتبول في الصحن الذي ذاق منه عسلا، ورغم إشارته لإغلاق فمه أو (درقوشه) كما يقول المغاربة فإن الزلة كانت لها تبعات بحكم سوء تدبيره لأكثر من مهمة وزارية أسندت إليه.

اليوم صار الرجل مضللا بامتياز، ولم يلتقط الرسائل والإشارات التي وجهت له.. ففي الانتخابات الأخيرة ظل يمني النفس ويقول لحوارييه أنه آت لرئاسة مجلس النواب، ولم يستيقظ من غفوته إلا بعد أن جاءه الخبر اليقين من صناديق الاقتراع، أنه غير مرغوب فيه لتمثيل الناس.

هذا التعبير السياسي من المواطنين كان يقتضي من السيد النبيل الانسحاب والرحيل عن المشهد السياسي إلى غير رجعة، لكن ظل يعض بالنواجد. واكتسب مع الوقت كل صفات ومواصفات التضليل.

إنها لعبة الورق الثلاثية: (فيها الراي والكبال والصوطة،) (لعبة الخاوية فعامرة) يوحي بانعقاد اللجنة المركزية، بالمقر الوطني للحزب الذي شيد لهذه الوظيفة، ثم ينقلها إلى مقر آخر، ليقلل من أهمية التيار السياسي والتنظيمي، الذي يطارده من الداخل، ويطالب برحيله عن الأمانة العامة.

في هذه الدوخة ورط معه الحزب برمته، وفي كل مرة بات يدفع بأعضاء من المكتب السياسي إلى جبهات خاسرة.

إنها المعركة التي فرضها نبيل، بحماقاته حين أقدم على طرد الرفاق وكان أهون عليه من الجلوس إلى مائدة النقاش والتفاوض لإيجاد التوافقات الممكنة، لكن هذه الروح لا يمتلكها ولا يؤمن بها، كما لا يؤمن بالديمقراطية، بل النهج الذي تربى عليه هو العمل على إزاحة الرفاق من طريقه بكل الأساليب الدنيئة، ولا يتورع في ذلك باستخدام اللغة الساقطة والظهور بمظهر المتسكعين.

إلى أين سيمضي السيد نبيل بكل هذه الحماقات؟

العنوان البارز لهذه الهيستيرية السياسية، أنها تزيد من عزلة الحزب في حياتنا السياسية، وتقدمه كجسد مريض في حاجة إلى العلاج.

السيد نبيل بات يوقع على العرائض، ويدخل معارك لا تعدو أنها من صناعة هواة التضليل، وتراهن على مزيد من صب الزيت على الحراكات الاجتماعية. وأن احتجاجات الشارع اليوم، يرافقها فراغ سياسي من حيث التأطير السياسي المسؤول والبناء في احتواء هذا الاندفاع الجماهيري.

التظاهرات تأخذ عنوانا لها في مناهضة جواز التلقيح،  والعديد من المشاركين فيها قد أقبلوا في وقت سابق وطواعية عن التلقيح، ويتوفرون على جوازاتهم، لكن المنابر الإعلامية التي تعمل على تغطية هذه الأحداث، يكشف فيها المتظاهرون عن غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف الحياة وانعدام الشغل، والحرية التي باتت تصادر في واضحة النهار والتضيق على تنقلات المواطنين وانتقل التضيق إلى أماكن العمل وخلق المتاعب للموظفين والمستخدمين في أكثر من وظيفة وقطاع.

وبالرغم من أن ما يجري اليوم يثير القلق والمخاوف، وعمل على تغيب النقاش حول النموذج التنموي الجديد، والاهتمام بقضايا الناس المشروعة وحقهم في الحياة وفي الحرية والاطمئنان، فإن السيد نبيل اختار ضفافا أكيد لن يعود من ويلاتها.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *