التصعيد الجزائري إلى أين؟
فؤاد الجعيدي
أمر مؤسف اليوم، أن لا يتردد حكام الجزائر في التصعيد ضد المغرب، هو تصعيد لم يتوقف وغدا يأخذ أبعادا توحي بتوتر غير مسبوق في منطقة الشمال الإفريقي،
فبعد قطع العلاقات الدبلوماسية من الجانب الجزائري، وإغلاق المجال الجوي في وجه الطيران المغربي، والتراجع عن الاتفاق بعبور الغاز التراب المغربي.. فإن الجزائر لم تترد في نقل المواجهة إلى مجلس الأمن للمناورة ضد السيادة الوطنية، وحشد الدعم الدولي لها كما حدث مع تونس التي انساقت وراء الضغوط الجزائرية.
إن هذا الرهان الخاسر، لم يقبل بالتحولات الجيو سياسية بالجنوب المغربي ولم يقبل قبل كل هذا بالمقترح المغربي الذي بادر، لتقديم مقترح عملي وملموس لنزع فتيل الصراع من المنطقة المغاربية، والمتعلق بالحكم الذاتي كخيار مفتوح أمام المعنيين المباشرين بهذا الصراع المفتعل.
جزء كبير من المنتظم الدولي، بدا متفاعلا مع القرار المغربي على المستوى الإفريقي والعربي، والعديد من الدول وفي إطار سياداتها الوطنية بادرت لفتح تمثيلياتها الدبلوماسية بالجنوب المغربي والتي بلغت 16 بلدا في الداخلة والعيون.. وأن الولايات المتحدة الأمريكية وقعت على قرار الاعتراف وهو المعطى الذي عمل على التأثير في موازين القوى، وأشكال التعاطي مع قضية استكمال وحدتنا الترابية والتي لم يعد من ينازع فيها سوى هذا النظام العسكري الجار، الذي يستخدم القضية للابتزاز السياسي، ويختلق السيناريوهات كما فعل مع جنوده الذين لقوا مصرعهم داخل تراب وطني آخر، ويدعي أن الاعتداء عليهم جاء من الجانب المغربي وليست الألغام التي سحقتهم.
الجنيرالات يتكتمون على هذه الحركة التي مدوها بالمال والسلاح، وأوجدوا لها حاضنة على ترابهم بخيمات تندوف، وأن التناقضات بلغت مداها داخل صفوف المحتجزين الذين يعيشون أوضاعا صعبة، وصاروا يتمردون على الأسباب العميقة التي أدركوا من خلالها، الانحياز للحل النهائي للنزاع والذي لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما وتوافقيا وأن هذا الخيار وهذا الموقف يلتقي مع مبادرة الحكم الذاتي بجديتها ومصداقيتها.
وما يفسر اليوم الخطابات العنيفة للجزائر أن الصين صوتت لصالح القرار الأممي وأن روسيا امتنعت ولم تعترض ولها حق الفيتو.
لقد خرج المغرب في هذه المرحلة منتصرا لموقفه، وهو الذي رهان على توجيه كل الجهود أولا للدفاع عن السلم والسلام في المنطقة والعمل على استقطاب الاستثمارات للنهوض بالمجال والإنسان، لكن كل هذه الطموحات لا يمكن على الإطلاق أن يتم إنجازها إلا في ظل مناخ الاستقرار الاجتماعي وهو بالذات الموقف الذي عمل المغرب على حمايته ونفس الموقف هو الذي زاد من عزلة البوليساريو، وعزلة حاضنته الجزائر. وستتشدد هذه العزلة أكثر مع القرار الأممي الأخيرة