الجزائر المغلقة

فؤاد الجعيدي

الجزائر تغلق الحدود وتغلق المجال الجوي وتوقف أنبوب الغاز، إنه الجوار من نوع آخر جديد في العلاقات الدبلوماسية الدولية، هذا الجنون استغلته جريدة   le canard  لتصنع منه سخرية عبر الكاريكاتور، حيث جمعت مواقف الدولة، وصاغت منها عنوانا يتحدث عن الانفتاح على كل الأفكار المغلقة، إنها دعوة موجهة إلى كل المواطنين الجزائريين ليمدوا رئيس الدولة وقصر المرادية بكذا اقتراحات.

ولا شك أن ما يدفع إلى كل هذا الحمق، نهاية مسلسل الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية، وهو الصراع الذي تكلفت الجارة الجزائر بتمويله وتغذيته، وصرفت عليه أموالا طائلة لاستقطاب من يجاريها في نزعتها العدوانية ضد البلد الجار، ومن يصطف بجانبها على مواقف بات التاريخ يؤكد يوما بعد يوم أنها لم تكن سوى رهان خاسر على امتداد ما يزيد عن أربعة عقود خلت.

ولم يقو حكام الجزائر على استنتاج الدروس والعبر من التاريخ، فما صرفوه من أموال كانت على حساب الحاجيات الملحة للجزائريين وحقهم في العيش الكريم.

المعطيات الجيو سياسية في المنطقة، تؤشر إلى متغيرات قوية، منها أن المغرب أمسك بالمبادرات من ناصيتها ويؤكد يوما بعد آخر أنه يسعى إلى الحلول التوافقية، وتعطيل كل مواجهة محتملة بين شعبين شقيقين لهما من روابط الدم والتاريخ ما لا يعد ولا يحصى، وأن الحرب الوحيدة التي استنهض لها كل الإمكانيات، هي مواجهة عوامل التخلف والخصاص وفتح أوراشا في البناء والتحديث، امتدت للعمق الإفريقي من مواقع التعاون الثنائي المثمر، وقطع أشواطا من النضج الوطني للتموقع في العلاقات الدولية مع الدول الأوربية، الند للند ولم يعد يقبل من أي كان الازدواجية في المواقف.

لكن حكام المرادية، الذين استفاقوا على تناقضات قوية في أوضاعهم الداخلية لم يتحسسوا بعد انهيار التربة التي يقفون عليها اليوم.