المغرب والحاجة إلى أنتلجنسيا مؤثرة في النقاشات العمومية

المغرب والحاجة إلى أنتلجنسيا مؤثرة في النقاشات العمومية
شارك

فؤاد الجعيدي

هناك اليوم في المغرب على الأقل وضوح للأفق المستقبلي، الذي انخرطت البلاد في صناعته، وهو اتجاه علامته الكبرى لا تفاوض خارج مغربية الصحراء، كما أعلن عن ذلك عاهل البلاد، ومعنى ذلك أن الأوراش الكبرى والإصلاحات الجارية، مست بقوة القوانين والتشريعات المنظمة للمجتمع برمته، وترافقها عمليات بناء كبرى للنسيج الاقتصادي الوطني، الذي أدرك خلاصات نوعية أن عمليات النماء، إن اقتصرت على تحديث البنيات الاقتصادية، والدفع بها للانخراط في المنظومة الدولية، تظل عاجزة إن لم يكن الانسان محورها ورحاها الذي تدور عليه، أي أن إنتاج الثراء، عليه توفير آليات للتعميم على كل المواطنين بالتضامن والدعم للفئات الهشة والمقصية من الدورة الإنتاجية، ومساعدتها على الانخراط في هذا المغرب الصاعد.

وهذا الوعي انتبه إلى ضرورة توسيع الحماية الاجتماعية لكل المواطنين، من مختلف مواقعهم الانتاجية وأوضاعهم الاجتماعية.. لكن مع هذه التحولات العميقة والهادئة، يلاحظ أن النخب الفكرية في مجتمعنا، لم يعد لها ذلك الحماس والعطاء الفكري الذي تميزت به منذ أواسط سنوات الستين، حيث كان مثقفي مغرب المواجهة والصراع ساعتها، يساهمون في التعبئة الوطنية، بإبداع الأفكار والمساهمة في النظريات التي تحلل الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، داخل قوى اليسار الوطني.. لكنهم اليوم نادرا ما نسمع صدى لأصواتهم، لكل ما يعتمل داخل المجتمع من دعوات للتحرر من الأوهام والأفكار، التي تعتبر الكوابح للتفاعل مع هذه المكانة الوطنية التي احتلتها بلادنا، في مواجهة القوى التقليدية التي ظلت تنظر بنوع من الازدراء الاجتماعي، لما يمكن أن يلعبه المواطنون إن أتيحت لهم فرص التأطير والإدراك لما يختزنونه من طاقات إبداعية.

لقد كانت الغلبة لأصوات السياسيين، لكنهم لم يستطيعوا التوفيق بين دفاعهم المشروع عن مصالحهم، واستحضار باقي مصالح الطبقات وعلى رأسها الطبقة العاملة التي لها أدوار في البناء وإنتاج الثراء والفئات المتوسطة والمتكونة أساسا من الأطر التقنية والفنية في التكنولوجيات المتقدمة والتي يقوم عليها الرهان القوي في إحداث النقلات النوعية إن توافرت لها جسور التوظيف الأمثل للعب أدوارها كاملة في اقتصاد المعرفة والمنتج لفائض قيمة قوي في الدخل القوي، والاستفادة الطبيعية من ثماره.

تعزيز هذه الأدوار لن يتم في غياب نخبنا الفكرية من جامعتنا الوطنية والتي هي مدعوة أكثر من أي وقت مضى للعودة بأفكارها وللحضور القوي، لمساءلة نبض المجتمع في طموحاته نحو التغيير، ومواكبته بالنقاش العمومي الذي يقدم الأجوبة الواقعية على ما ينبغي أن يكون عليه هذا المستقبل لهذا المغرب الصاعد.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *