الإعلام والوطني والفنان في وسط الجائحة

الإعلام  والوطني والفنان في وسط الجائحة
شارك

فؤاد الجعيدي

استقبلت ببيتي الفنان، أمين العصامي، لم أجد العبارات اللائقة في وصف الرجل، بوداعته وهدوئه الجميل، لكن حين يحتضن آلة العود، يصير إنسانا آخر غير ذلك الذي كلمك قبل قليل..

ذكرني بجاك بريل وعبد الوهاب الدكالي حين تغرق أنامل أصابعه على زند العود ز تنقلاته بين المقامات.. حيث يفيض من أصابعه النغم مخلفا آثارا عميقة على تقاسيم وجهه من التفاعل الوجداني.

لما استضفته في البيت، حكى لي ما لا يخطر على البال، ولكأني به يحمل هما لا يخصه لوحده، لكن هذا المحيط الذي نعيش فيه، لا يدرك ما يكابده الفنانون من معاناة في التعبير بجميل النوتات، عن الذات في تفاصيلها الأشد وهنا من خيوط العنكبوت.

حدثني عن أغنيته الأخيرة، والتي لم تكن مؤلفة كلماتها، سوى شريكة حياته في البيت السيد لالة مارية الجعيدي. طربت  ليس للموسيقى، وإنما لهذه الطبوع التي جاءت من مخزون تراثنا الموسيقي، حيث حملتني الذاكرة إلى زمن قديم، مع رواد الأغنية المغربية فيتح المعطي بلقاسم الطاهر جمي عبد الهادي بلخياط عبد الوهاب الدكالي محمد الحياني.. ويطول مسار ذكر الرواد الذين أدرك الحسن الثاني رحمه الله أن هؤلاء من حافظوا لنا على تراث موسيقي، لم تتسرب له المؤثرات الشرقية والتركية وطبع بهواء وماء وتراب هذا الوطن الذي عنوانه الكبير المغرب الأقصى..

لكن في هذا الوطن الذي يتعدد دفاع المغاربة عنه ومن كل المواقع، عشت لحظات شجية على من يدافع بتوليفة الألحان، حفاظا على هوية بكل فسيفسائها وتوابلها كي لا تنسلخ عن هذا الأرض التي تتكلم مغربي.

ما ألمني في الحكاية، أن إعلامنا الوطني بمحطاته الإذاعية والتلفزية، لم تتول أغاني هذا الشباب، أمين العصامي بالترويج لها وتقريبها من الجمهور، ولا أظن أن في القضية موقف مسبق، وإنما البيروقراطية السيئة التي تكثر من المسارات والتي لا تتفاعل مع الأحداث على الساخن، وإنما تعمل على انطفاء جدوة الإبداع.

أتمنى من إعلامنا الوطني، أن يعمل على نشر الأغاني الجديدة لهذا الفنان والذي سبق أن كرم بجائزة المغرب في الأغنية في زمن ما.

الفن في أمس الحاجة للدعم اليوم، وفي هذا السياق الذي نجتازه مع الوباء والذي سد بقوة عن الناس مصادر كسب الرزق، كان على وزارة الثقافة أن تفكر اليوم في تنظيم سهرات اعتماد على التكنولوجيات الجديدة.. حيث الحياة لم تتوقف إنما صرنا نعيش أشكالا جديدة من الحياة، التي باتت تفرض علينا التباعد، لكنها لن تصل إلى حرماننا من الاحتفاء بها والعيش لحظات الفرح وأن الأمر ليس بالمستحيل. علينا فقط أن نستحضر من يعملوا على إنتاج الفرحة وإسعادنا بها كي لا تزيد أوضاعنا النفسية مزيد من الاحتقان.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *