سطات وأكلة لحم البشر
فؤاد الجعيدي
لم يسبق لي في حياتي، أن رأيت لحم البشر رخيصا مثلما، استيقظت عليه في هذه المدينة، ذات المحيط الريفي والتي تتلاقى فيها قيم الأسواق التقليدية مع المظاهر الناشئة للتسوق العصري.
نمطان يتداخلان ويتعايشان بالمكر والزيف والخديعة، رجال بين عيشة وضحاها صارت لهم الأرصدة، وراكموا الثروة ليس بالعمل بل بالاحتيال.
الرهط الذي ظهر، يتاجر في الشيكات، يقرض الناس البسطاء والضعفاء ثم يلوي أعناقهم مثل الدجاج، ويظل يطالبهم بالفوائد لهذه الشيكات التي منحت على بياض.. وفي المنعطف يزج بهم في السجن. عملا بمقولة لا عذر لجاهل القانون في جهله، لكن الحكاية لن يفكك طلاسمها القضاة بل أساتذة السوسيولوجيا وعلم النفس. بعد أن اغتنى وعاث في الأرض فسادا وصلت إليه يد الشرطة، بعدما كاد أن يتسبب لامرأة لا حول ولا قوته لها في حالة الجنون، لولا ألطاف الله وتدخل أخيها في ساعة الحسم، حيث نصب لهذا المرابي شركا قاده للاعتقال وعرضه على أنظار القضاء ليوقع به القصاص المستحق.
منهم من نقل الخديعة إلى المؤسسات البنكية، وعيونه لا ترف خجلا وهو يجالس علية القوم ورجال السلطة، وتقدم للمواطنين ليحظى بثقتهم وتمثيليتهم في الانتخابات، مع ممثلي نواب الأمة الذين يهتمون بالتشريع وتهيء النصوص للبلاد.. ولا أحد استفسر عن سيرة الرجل ونزاهته للترشح.. ربما هذا جزء من العبث، الذي نتعايش معه هنا بهذه المدينة الطيبة التي كان فيها ظلم ذوي القربى أشد مضاضة.
أحدهم ظل لسنوات يعمل بالتكوين المهني ويوم وصلته شكاية، بأنه يزاوج بين الوظيفة والعمل الربحي عن طريق عون قضائي ادعى أن المصنع لزوجته.
يوم أحيل على التقاعد طلق زوجته وعنفها وعنف بناته لكن يد القصاص لم تصل إليه بعد.. الزوجة زج بها في سجن القنيطرة بعدما ادعى أنه رتب عليها ديونا لكراء المصنع.
اليوم نتوفر على مستندات تفيد أنه طيلة مساره استخدم الحيلة والتدليس للحصول على قطعة أرضية مخصصة للمقاولين الشباب وجعلها مصنعا لصنع الأجبان ثم حولها فيما بعد لمسكن.
هل الأجهزة المسؤولة على المراقبة، لا علم لها بما ظل يحيكه وهو الشخص الذي لديه عشرات القضايا بمحاكم المدينة، فعلى هذه السلطات المؤتمنة على حفظ حقوق الناس ورعايتها وضمان أمنها أن تتحرك على عجل لوضع حد لهذا التحايل والعبث الذي يقوم به أشخاص تعودوا على أكل لحم البشر نيئا.
ولنا عودة في القادم من الأيام لتخصيص ملف على هذا التدليس الذي أوقع سلطات متعددة في تقديم بيانات كاذبة واستخدامها للتدليس على حقوق الغير.