الرياضة والسياسة وضرب خط الزناتي
فؤاد الجعيدي
كرة القدم ليست سوى فرجة رياضية في كل بلدان العالم، ولها شعبية خاصة. وككل تنافس رياضي هناك منهزم ومنتصر، ويقول العاشقون لهذه اللعبة أن الكرة مملوءة بالريح ولها منطق الخاص، وعادة ما تحمل المفاجآت وأشدها تلك التي تكون في الدقائق الأخيرة من نهايتها.
لكن في بلادنا باتت مادة سياسية دسمة، لمن احترفوا الركوب على مشاعر الجماهير، وتوظيفها لتسجيل بعض النقط على الخصوم. كما حدث في انسحاب فريقنا الوطني في ربع النهاية من اقصائيات الكان الإفريقي أمام الفريق الوطني المصري.
وأغرب تصريح وقفت عليه، هي ربط امرأة سياسية أمينة عامة لحزب يساري بين الهزيمة باعتبارها فشلا وفشل حزب سياسي من الأغلبية الحكومية في إدارة الشأن العمومي للمغاربة.
السيدة الأنيقة والأستاذة الجامعية في كل تصريحاتها ظلت تتشبث في تحليلها لظواهر الواقع المغربي بما يخدم جلب التعاطف الجماهيري وليس النهوض بوعي الناس وقيادتهم وتأطيرهم في معارك للانتصار لحقوقهم.
ومثلها في هذا المذهب انساق الكثيرون، لضرب خط الزناتي مثل العرافات القدامى، ووصل إلى حدود النبش في الأعراض وهو أمر مضر بالتربية السياسية وبأصول النقاش الديمقراطي بين الفرقاء.
آسف أن أقول أن الرياضة ماهي إلا نتاج لمجتمع وفر الشروط الموضوعية لشبابه للإقبال على الرياضات وممارستها والتشجيع عليها ضمن الأندية والأحياء والأنشطة المدرسية، وأن تكون صناعة لإنتاج الأبطال.
وبالعودة إلى الأبطال، فإن فكرنا الوطني لم يعرف عليه أنه أنتج رموزا انتصرت للفكر البطولي وتم تمجيدها بصناعة تماثيل للاحتفاء بها في الساحات العمومية، كما حدث في حضارات أخرى ولدى شعوب ظلت تمجد رموزها الوطنية بقوة، أبطالنا سقطوا قبل الأوان ليس بالمعنى السلبي للكلمة لكن مسيرتهم لم تكتمل، وتاريخنا الوطني يتضمن العديد من السير التي سقط أصحابها في ساحة الشرف أو هجروا ..
في الوجدان الشعبي تستوطن هذه الانتكاسات، لذا ترانا نتسرع في أحكامنا وتأخذنا النشوة لانتظار حسم المعارك بالنوايا، كما يحدث لنا في كل الأمور الحياتية.
وما وجب الإقرار به وتقديره حق قدره، أن فريقنا الوطني قاوم وقاتل بشدة ليصنع لنا فرجة وكفى، وصمد طيلة الأشواط الإضافية وقدم عروضا فنية تشرف، ولا يجوز اليوم أن نجعل من هذا الأداء العابر فرصة لعشاق الجلد، الذين أخرجوا سياط ألسنتهم يلوحون بها ذات اليمين وذات الشمال وهم في غيهم يعمهون.