الجزائر، الرهان الخاسر.

الجزائر، الرهان الخاسر.
شارك

فؤاد الجعيدي

ما يسجل على البرجوازية الصغرى في العالم العربي، أنها لم تكن ثورية بالمعنى النبيل للمفهوم، كما أفرزته الحركات المناضلة، التي كانت تدافع عن الحق في الحياة لشعوبها وواجهت حروبا ضروس مع الامبريالية.

لنا في ثورات البلاشفة وماو تسي تونغ وهوشي مين ما يجلي هذا المفهوم، في الدفاع عن رفاهية الشعوب، وحقها في الأمن والسلم لشعوبها. لكن في العالم العربي، برز حزب البعث، الذي جاء للسلطة في سوريا والعراق، بإبادة الحزب الشيوعي وفي مصر الناصرية، تم التصدي لكل الديمقراطيين وبشراسة وأيضا في ليبيا القبلية.

هذه الأنظمة تحالفت مع قوى الجيش، وأحكمت قبضتها على شعوبها، واليوم لنا ما يكفي من الدروس والخلاصات، للمقارنة بين هذه الأنظمة والنظام الملكي المغربي والذي في قمة الصراع مع الأحزاب الوطنية الديمقراطية، لم يعمل على إبادة الأحزاب اليسارية، بل مكنتها الظروف التاريخية تضحيات الشعب المغربي، من الوصول إلى الحكم بتناوب توافقي، شكل ساعتها تجربة متفردة في العالم العربي، لازالت تفاعلاتها جارية إلى اليوم نحو تحديث المجتمع.. وبقي الجيش بعيدا عن الحقل السياسي,

لكن في الجزائر البرجوازية الصغرى، التي انقضت على ثورة المليون شهيد، وعملت، على استنزاف ثروات الشعب الجزائري وتمكنت من قمع ومحاكمة كل القوى الديمقراطية، نشاهد رئيسها في زيارته لزعيم البوليساريو، رفقة قيادته ببزاتهم العسكرية، يتحدثون عن الثورة في زمن غدت فيه الثورة تعني القدرة على التصدي لمظاهر التخلف، والاعتراف بالجيل الجديد لحقوق الإنسان كما صاغها المنتظم الدولي.. وهي تسعى لرفاهية الإنسان وحقه في الحياة وفي البيئة المتوازنة ،وحقه في السكن وفي الصحة والشغل، وهي أمور لا يستحضرها النظام الجزائري ومن ظللهم بحاضنته، في مخيمات تندوف والمتاجرين بمآسي البشر اليومية.

من العار أن تستعمل لفظة الثورة اليوم، والتي لم تعد عبارتها قابلة للترويج والتسويق، في عالم راكم من التجارب والخبرات حول مآسي البشر، واقتنع أن السبيل للعيش في هذا العالم الجديد، هو التعاون المربح لكل الأطراف والسعي للتجاوب مع إرادة الشعوب.

العالم اليوم يقدم نماذج جديدة، في الثورات الاجتماعية وحركات الشعوب ومطالبها في الديمقراطية الحق، والمشاركة الواسعة في الحياة السياسية، وهو الاتجاه الذي ما فتئ المغرب، يسعى له في منطقة الشمال الإفريقي، وأدواره الطلائعية في العمق الافريقي، في حين اختار النظام العسكري التحالف مع اسبانيا ويمينها وهذا التحالف ليس صدفة، وإنما هو انزياح لنخب تعودت وهرمت على البززات وعلى التعطش للدماء. ولن يكون هذا الرهان، سوى خسرانا مبينا.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *