الفرص الضائعة

الفرص الضائعة
شارك

فؤاد الجعيدي

هي عديدة البرامج الوطنية التي اشتغلت عليها الحكومات المغربية المتعاقبة، من أجل التصدي للفقر والهشاشة. لكن هل نتوفر اليوم على مؤشرات وطنية، لقياس حظوظ النجاح والفشل للمشاريع. لكل البرامج التي استحدثت ومدى مساهمتها في تحقيق النجاعة المطلوبة والأثر في حياة المستهدفين بها؟

وهل تمكنا من تكوين قاعدة للمعطيات، يمكن الرجوع إليها واستخراج خلاصاتها كي لا يتم تكرار نفس الأخطاء؟

ما نجده من رؤى صريحة وواضحة هي تلك التي تتضمنها  مواقف المؤسسات البنكية التي لا زلت تتمنع في الانفتاح على القروض ولو كانت لها ضمانات من الدولة.

إننا في أغلب الأحوال، لا نتعامل مع المشاريع التي تقف على السيولة المالية باعتبارها في حاجة إلى دراسات تقنية ومالية ودراسة الجدوى لحظوظ المشروع في النجاح والفشل.. وأن أصحابها يمتلكون نظرة واضحة للسوق وما يقع فيها من تنافس..

ففي الواقع المشاريع تأخذ وقتا طويلا في الدراسة واستحضار الترقبات المستقبلية للمشروع، وقدرته على النجاح والصمود  والاستمرارية، لذلك يظل التكوين في هذا المجال ضروري ليستوعب الفرد أن التمويل يظل في المرتبة الأخيرة في مجال الاستثمار، وهذا ما لم يحدث في أغلب البرامج التي استهدفت التشغيل الذاتي.

إننا اليوم أمام برنامج فرصة، وعلى القيمين عليه التعاطي مع الاستثمار بأن يكون منتجا لفرص العمل، ومنتجا أيضا للخدمات المطلوبة في المحيط الاجتماعي، ومتجاوبا مع تلبية حاجات اجتماعية وخصاص بين، ليتمكن فيما بعد المشروع من التطور والامتداد.

إن ما يقتل المشاريع هو الاستنساخ، وهذه الظاهرة طاغية على ما يتقدم به الأفراد من مشاريع، حيث يعمدون لتقليد مشاريع سابقة، حظيت بالنجاح لدى أصحابها  وبالتالي لا ينتبهون إلى حاجيات السوق ويعملون على ايصالها لحد الإشباع ثم الضمور.

إن الاستثمار على العموم محتاج إلى أشخاص متشبعين بالثقافة المقاولاتية، وهو معطى ليس مرتبط بالشواهد المعرفية، فكم من مستثمر خلق الثروة دون أن يكون قد مر من المدارس العليا للتدبير والتجارة، ولكن استطاع بحسه الانصات إلى نبض المجتمع حيث ترقد الثروة، فعمل على ايقاظ ثمارها..

ولنا في سير بعض كبار المستثمرين، أفضل الحكايات والعبر.. وحتى نكون أكثر واقعية لا بد من الاعتراف أن طبيعة أسرنا المحافظة، ونظام التعليمي، تعود لهما المسؤولية في التربية التواكلية، وتشجيع الأفراد على أقصى ما يمكن التفكير فيه، هو الحصول على وظيفة، وليس تأهيلهم للتفكير في المغامرات المحسوبة من أجل اكتشاف أين تكمن مراقد الثروات؟

ونفس التربية هي التي تساهم اليوم، في أن الأشخاص حينما يفكرون في المشاريع الخاصة يذهب التفكر إلى الرأسمال، وليس التفكير في الطرق التي يمكن الحصول بها على الأموال..

إن الأفكار الخلاقة هي التي تنتج الثروات وليس المال.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *