تنسيقية سنواصل الطريق تفكك أعطاب التقدم والاشتراكية
فؤاد الجعيدي
لم يعد اليوم بالإمكان تجاهل تنسيقية سنواصل الطريق، وهي تخرج بين الفينة والأخرى ببياناتها للرأي العام الوطني، وحول الأوضاع غير الصحية التي يجتازها حزب التقدم والاشتراكية منذ اختار أمينه العام الحاج نبيل الاستحواذ على الحزب وتراثه..
يلاحظ المتتبعون للأحداث، أن هذه الحركة والتي انبثقت من رحم الحزب، دخلت منذ ميلادها في المواجهة العلنية مع الحاج، دون سواه من أعضاء الكتب السياسي والذي يحافظون وبقوة على إغلاق أفواههم باستثناء، أحدهم والذين صار ناطقا باسم الحزب بكتاباته، لوضعه الاعتباري كمثقف يحافظ للماء من أين يجري، ولا يقطع أواصر التواصل مع رفاقه بل يتلاقى معهم في بعض النقاط ولا ينكر للحركة حقها في الاختلاف.
مجلس الحكماء داخل الحزب وباعتباره مؤسسة، يضع كمامة على عيونه كي لا يرى ولا يسمع ما يحدث اليوم، وهو غير ملام على لذلك لأن من وهنت عظامه بعد عمر طويل لا تسعفه الأحوال لمواجهة حيوية الشباب وطموحها في إدراك التغيير.
هذه الحركة الناشئة، من كثرة التناقضات التي يعيشها الحزب منذ زمان، وضعت قاموسا للحاج نبيل، حيث ما فتئت تنعته بالمضلل مستخدمة اللفظ الذي استحدثه الديوان الملكي، لنعت زعيم سياسي لم يكن حكيما في تحاليله، ولا موضوعيا في تعاطيه مع الأحداث، لكن اليوم أصبح يشكل ظاهرة سياسية مرضية في المشهد السياسي المغربي، والذي لم يسبق له أن عاش مثل هذا التعنت، مع شخص رفضته مناصب المسؤولية في الدولة، أكثر من مرة ورفضته بقوة صناديق الاقتراع، والتي كانت لها الكلمة الفصل في الرجل الذي لم يرد الخلود إلى الراحة رغم ما راكمه من فشل ، ظنا منه أنه ضروري للبلاد ولمستقبلها كما اعتقد من تحالف معه من التيار الإسلامي لإطلاق الرصاص على أحلام أمة، وإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي.
اليوم وهذا ضروري للتفكير فيما تعيشه أحزابنا الوطنية، أن التطورات المتلاحقة تعمل على تحويل الأحزاب السياسية إلى نوادي لقيادات لا يهمها سوى اقتسام المنافع، لكن من حيث إبداع الأفكار والبرامج والمشاريع وتأطير المواطنين، لم يعد في أجنداتها أولوية من كل ذلك ، في هذه المرحلة.
الحاج نبيل لم يتردد بعد طرد، أعضاء من مكتبه السياسي أن يعود ثانية لقص الأجنحة، حين تولى مهمة الإجهاز على التنظيم النسائي، واقتلاع امرأة مناضلة من عيار وازن بامتداداتها في النسيج الجمعوي، وحضورها الدائم في التأطير والمشاركة النسائية واستبدالها بأخرى وفي تجمع هزيل لا يعكس سوى هذا الضمور، الذي أصاب حزبا وطنيا، يساريا يعيش أسوء لحظات تفككه على يد من ذاقوا نعم الاستوزار، ولا زالوا ينتظرون في المنعطف الكعكة القادمة للحصول على بعض من منافعها.
لكن خلف هذا الجدار، تأتي حركة سنواصل الطريق بإصرار وثبات لمواصلة طريق النضال الشاق والطويل، من أجل الديمقراطية، كشرط ومكون لا غنى عنه، في أي لعبة سياسية تريد لنفسها ضمان الاستمرارية والتأثير في الأحداث الجارية في المجتمع.. وقد استفادت من التقدم التكنولوجي بالاستناد على مواقع التواصل الاجتماعي، للتصدي لما يريد الحاج نبيل إقباره من داخل الحزب وهو النقاش الجماعي الحر والمسؤول بين المناضلين وما يستدعيه من نقد ذاتي، للاعتراف بالأخطاء القاتلة ومن كان مسؤولا عن هذا المصير الذي صار الحزب يجني ثماره ويعمل على كمزيد من عزلة السياسية. لكن ربط المسؤولية بالمحاسبة أمر مرفوض عند الحاج ومن والاه.
الخيارات الهزيلة التي اعتمادها الحاج، وهو استناده لأذرع لا يقوى أصحابها على نسج الجمل اللغوية فبالأحرى تقديم طروحات نظرية وتقديم الأجوبة الواقعية، لما يعتمل في هذا المغرب الصاعد من تحولات وما رافقها من نقاشات عمومية باتت تستحضر في مقارباتها الموضوعاتية، توليد المؤلفات كما حدث في التقارير التركيبية لتقديم الخلاصات عن تجارب المغرب في التنمية البشرية، وعن بحثه في نموذج تنموي جديد وفي التحضير لمشاريع الحماية الاجتماعية.
وأن وصول البلاد إلى هذه المحطات، كانت فيها لحزب التقدم والاشتراكية نضالات مريرة، وساعد في العديد من الفترات، على تصريف أفكار ومثل العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية، وهو التصريف الذي عمل على إنجازه مناضلون ومثقفون أدركوا معنى الانحياز لنضالات الجماهير الشعبية وليس الانحياز إلى المنافع المادية الصرف، والتي لا يمكن لها الانتعاش إلا في النوادي. وصدق من قال أن حزب التقدم والاشتراكية غدا اليوم ناديا ليس إلا.