الجهوية المتقدمة، المفهوم وتجلياته في التجارب الوطنية والدولية

الجهوية المتقدمة، المفهوم وتجلياته في التجارب الوطنية والدولية
شارك

حميد المُعْطَى

الجهوية المتقدمة هي تنظيم هيكلي وإداري، تقوم بموجبه الحكومة أو السلطة المركزية، بالتنازل عن بعض الصلاحيات لفائدة الجهات المكونة للوحدة الترابية للدولة، وذلك لتعزيز التنمية المحلية، وتنشيط التبادل التجاري وتقريب الإدارة والدولة عموما (بما تُقدم من خدمات وتُوفر من مصالح) من هموم المواطن، عبر صياغة سياساتٍ محلية تنبع من الخصوصية المميزة لكل جهة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

والدافع الأهم إلى نهج الجهوية، هو تحفيز التنمية المحلية وتحريرها من عقال المركزية.

إن الجهوية مفهوم حديث نسبيا، نشأ وتطور مع توجه دول أوروبا الغربية إلى التخلي عن المركزية الإدارية، بعد اكتشاف حدودها وإعاقتها لكثير من جهود التنمية، بل وتضييعها تماما في بعض الأحيان.

وقد أخذت ألمانيا بالجهوية في 1949، إذ أقر الدستور الصادر ذلك العام، بوجود جهات إدارية واقتصادية تتكامل في أهدافها وآليات عملها، مع النسق الفدرالي المطبق، والذي يمنح الأقاليم والجهات صلاحيات واسعة. بيد أن الجهات كانت التمظهر التنموي والاقتصادي والإداري للنظام الفيدرالي، كما شكلت رافعة له.

وفي إسبانيا، نص دستور 1978 -الذي مهد لنهاية حكم الجنرال فرانكو وعودة الديمقراطية- على الجهوية بل إن إسبانيا تُعد من الناحية السياسية والإدارية دولة قائمة على الجهات أكثرَ منها دولة فدرالية.

في فرنسا، برز النقاش حول الجهوية في خمسينيات القرن العشرين سيما مع عودة الجنرال شارل ديغول للسلطة، فقد كان ديغول تحدث عن ضرورة اعتماد فرنسا للجهوية في أحد خطاباته عام 1946.

بيد أن ديغول أخفق في تحقيق مشروعه الرامي إلى إصلاح ترابي شامل يُكرس الجهوية، وفي عام 1969 كان مشروع القانون، حول الجهوية وإصلاح مجلس الشيوخ سببا في نهاية مساره السياسي، فقد استقال بعد رفض الفرنسيين للمشروع في استفتاء شعبي شهير يوم 27 أبريل 1969.

ولم تعرف فرنسا الجهوية إلا في عام 1982 حين أُقر الإصلاح الترابي القائم على اللامركزية والذي حمل اسم وزير الداخلية الاشتراكي غاستون دفيير. واقتصر إصلاح 1982 على إعطاء الجهات والبلديات صلاحيات ذات طابع إداري في أغلبها، لكن إصلاحات لاحقة عززت دور الجهات خاصة في المجال الاقتصادي والتنموي، وقد منحها إصلاح 2010 صلاحيات كالتعليم والتخطيط التنموي.

ومع تطور بنيات الدول وتداخل الصلاحيات واشتداد الحاجة إلى التنمية المحلية بوصفها رافعة للتنمية على المستوى الوطني، ظهر مفهوم الجهوية المتقدمة الذي هو في الواقع مرحلة من اللامركزية، تَمنح الجهات استقلالا شبه كامل عن المركز في مختلف المجالات باستثناء الاستقلال السياسي.

أما الجهوية الموسعة فهي المرحلة اللاحقة على الجهوية المتقدمة، وفي حال تطبيقها تُصبح الجهات مستقلة في كل شيء عن الحكومة المركزية بما في ذلك الاستقلال السياسي، لكن ذلك لا يعني خروجَ الجهات عن سيادة الدولة.

وبالتالي فالجهوية الموسعة هي شكل من أشكال الاستقلال الذاتي الضامن لهوية الإقليم وسيادته واستقلاليته المالية لكن مع بقاءِ السيادة للدولة الأم، والتي يصبح مجال تدخلها محصورا في القطاعات السيادية مثل الدفاع والأمن والاتصالات، ونحو ذلك.

وفي المغرب ما قبل الاستعمار كان التقسيم الجهوي مبنيا على أسس قبلية وعشائرية في بلاد السيبة التي لم تكن خاضعة الى السلطة المركزية، وكانت تحكم بطرق تقليدية مبنية على التقاليد والأعراف المحلية وبلاد المخزن الخاضعة للسلطة المركزية التي يرأسها السلطان، والذي يعين أو يوافق على إقرار قياد وشيوخ القبائل كالرحامنة وعبدة وتادلا والحوز والشاوية ودكالة والمذاكرة وورديغة وبني حسن …الخ

أما بعد الاستعمار فقد قسم المغرب إلى ثلاث جهات هي: المنطقة الأولى وتمثلت في طنجة التي اعتبرت منطقة دولية. والمنطقة الثانية التي كانت تحت النفوذ الفرنسي وتوجد في وسط المغرب، وتنقسم إلى قسمين، عسكرية أغادير، مراكش، مكناس، فاس ومدنية: الدار البيضاء، الرباط ووجدة،  والمنطقة الثالثة التي كانت تحت النفوذ الإسباني وتمثلت في أقصى شمال المغرب والريف) وفي الجنوب سيدي إفني، الأقاليم الجنوبية.)

من خصائص هذا التقسيم، أن الجهوية من منظور الحماية لم تكن تعني تنظيماً وإعادة هيكلة المجال المغربي بصفة عامة، بقدر ما كانت تهدف إلى تأمين مراقبة البلد، وبسط نفوذ المستعمرين بواسطة إحداث جهات عسكرية، وأخرى مدنية دون إعارة أي اهتمام للاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية، التي ينبني عليها إعداد التراب الوطني

وبعد الاستقلال في سنة 1962، قسم المغرب إلى 9 جهات اعتمد نوع الأنشطة التي يتميز بها المجال.

في سنة 1970 قام دانييل نوان  بتقسيم المغرب إلى 12 جهة. وقد اعتمد في هذا التقسيم على المعيار الطبيعي.

بعد محدودية نتائج التقسيمات المجالية للمغرب في فترة ما قبل 1971، قررت المؤسسات المهتمة بالمجال المغربي إعادة النظر في مفهوم الجهة من أجل النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبهذا قسم المغرب إلي 7 جهات اقتصادية خلال هذه الفترة، كان من أهداف هذا التقسيم التخلص من الفوارق الجهوية عن طريق تطبيق سياسة اللا مركزية (تحت إشراف الإدارة المركزية كما كان من أهدافه تخفيف الضغط الاقتصادي والديموغرافي على محور الدار البيضاء، الرباط، القنيطرة . والجهات السبع هي: جهة تانسيفت ـ مراكش ـ والجهة الجنوبية ـ أكاديرـ والجهة الشرقية ـ وجدة ـ  والجهة الوسطى ـ الدار البيضاء ـ والجهة الشمالية الغربية ـ الرباط ـوالجهة الوسطى الشمالية  ـ فاس ـ  والجهة الوسطى الجنوبية ـ مكناس ـ

تميز هذا التقسيم بمجموعة من الخصائص الجغرافي والاجتماعية  والديموغرافية  والثقافية وكانت جهات متوازنة من حيث الثروات الطبيعية والمائية والمنجمية ويا ليث اللجنة الملكية للجهوية اعتمدت هذا التقسيم وإضافة جهة الساقية الحمراء وواد الذهب ليتوزع المغرب إلى ثماني جهات . كان من أهداف هذا التقسيم، تسهيل التسيير الإداري وتدبير الشأن المحلي للجهات، واعتماد المبادرة المحلية في التنمية الاقتصادية، كما كان من أهداف هذا التقسيم إبراز الوحدة الثقافية والحضارية للمغرب وتسهيل إدارة الموارد المحلية للجهات.

وجاء دستور 1992 الذي رفع الجهة إلى مستوى المؤسسة الدستورية، وظهير 1997 الذي أعاد ترتيب الخريطة الجهوية، وأمد الجهات بإمكانات مادية ومالية، حيث تم إصدار قرار تقسيم 1997  ليعيد تنظيم الخريطة الجهوية حيث جاء هذا التقسيم بستة عشر جهة، واستمر حتى سنة 2015 وقد أجريت عليه بعض التعديلات خلال هذه الفترة وهي: تادلا أزيلال* والدارالبيضاء الكبرى* والشاوية ورديغة* ودكالة عبدة *ومكناس تافيلالت* وطنجة تطوان* وتازة الحسيمة تاونات* والجهة الشرقية *وفاس بولمان* والغرب شراردة بني حسن* والرباط زمور زعير*وتانسيفت الحوز* وبوجدور الساقية الحمراء* وواد الذهب لكويرة* واسمارة.

رغم تحقيق هذا التقسيم بعض المكتسبات، فإنه  فشل في القضاء على التباينات الاجتماعية والاقتصادية بين جهات المملكة المغربية، مما تطلب من المسؤولين القيام مرة أخرى بوضع تصور جديد يحل المشاكل المجالية للمغرب، ليتم الإتيان بالتقسيم الجهوي لسنة 2015.

التقسيم الجهوي سنة 2015

  جهَات الممْلكة المغْربية ( 2015-الآن)

الجهة المركز

  1. جهة طنجة تطوان الحسيمة

طنجة

  1. جهة الشرق

وجدة

  1. جهة فاس مكناس

فاس

  1. جهة الرباط سلا القنيطرة

الرباط

  1. جهة بني ملال خنيفرة

بني ملال

  1. جهة الدار البيضاء سطات

الدار البيضاء

  1. جهة مراكش آسفي

مراكش

  1. جهة درعة تافيلالت

الرشيدية

  1. جهة سوس ماسة

أكادير

  1. جهة كلميم واد نون

كلميم

  1. جهة العيون الساقية الحمراء

العيون

  1. جهة الداخلة وادي الذهب

وادي الذهب

يختلف هذا التقسيم  إلى 12 حهة عن التقسيمات الجهوية السابقة، إذ تمت إضافة عدة تعديلات عليه حيث تنقسم كلّ جهة إلَى عدّة أقاليم وعمالات يختلف تَوزيعها من جهةِ إلى أُخرى والّتي يبلغ عددُها 13 عمَالة و62 إقْليماً.

ولتفعيل هذا التقسيم الذي  اقترحته اللجنة الملكية للجهوية المتقدمة أن يتم التفعيل على مراحل مع تقييمه المستمر وذلك لمنحه الوثيرة المثلى، مع إجراء ما يلزم من التصويب على المشروع، كلما اقتضى الأمر ذلك في ضوء الممارسة العملية.

يتكون المجلس الجهوي من أعضاء ذوي صوت تقريري والذين يتم انتخابهم بالاقتراع المباشر وأعضاء بصوت استشاري ويضمون برلمانيي الجهة ورؤساء الغرف المهنية وعضو منتدب عن كل نقابة من النقابات الممثلة في مجلس المستشارين.

في ما يخص مقاربة النوع، فتم العمل على ترسيخ وتكريس المشاركة النسائية من خلال اتخاذ إجراءات إرادية لفائدة النساء لتشجيع ولوجهن إلى الوظائف الانتخابية.

كما تم التأكيد على مأسسة الديمقراطية التشاركية من خلال إشراك المواطنين والمواطنات في كل مناحي الحياة الجهوية من خلال آليات لتيسير مشاركتهم في إعداد المشاريع والمخططات الجهوية للتنمية وكذا اشراك القطاع الخاص كفاعل أساسي بالجهة في إعداد وتنفيذ المخططات الجهوية.

ومن أجل تدعيم التدبير الديمقراطي للجهة، فإن رئيس المجلس الجهوي هو الآمر بالصرف والمنفذ لقرارات المجلس الجهوي. ولتسهيل هذه المهمة توضع  تحت إشرافه  وكالة جهوية تتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والتدبيري تعنى بإمداد المجلس بالدراسات التقنية وكذا تنفيذ مشاريع الاستثمار المقررة من طرف المجلس الجهوي.

 –         كما أنه وفي انسجام مع توجهات الدولة وبعد الاستشارات والمشاورات والمصادقات المنصوص عليها في القانون يقوم المجلس الجهوي، في حدود اختصاصاته ووسائله، بإعداد وتبني وإنجاز خطط العمل وبرامج التجهيز الخاصة به في مجالات الاستثمارات والتشغيل وقطاعات الماء والطاقة والبيئة والتربية والتكوين والثقافة والصحة.

إن مشروع الجهوية المتقدمة، اقترح تبني مخطط للنهوض بالمستوى الاجتماعي للجهات من خلال إحداث صندوق للتأهيل الاجتماعي للجهات يروم سد مظاهر العجز الكبرى في الجوانب المرتبطة مباشرة بالتنمية البشرية (الصحة، التعليم، السكن، والولوج الى الخدمات الأساسية) حيث أن الدولة ستخصص في إطار مشروع الجهوية مبلغا ماليا لهذا الغرض يتراوح ما بين 128 و215 مليار درهم بغية الارتقاء بالجهات الى المعدل الوطني أو الى مستوى المعايير الوطنية والدولية، في قطاعات الصحة والتربية وشبكة الطرق.

كما يتوقع تأهيل المؤهلات الضريبية الخاصة للجهات في أفق مضاعفتها بالإضافة إلى خلق صندوق للتضامن الجهوي يهدف الى الحد من التفاوتات الناجمة عن تركيز الثروات والنمو غير المتكافئ لمجالاتها الترابية وعن الفوارق الجغرافية والديمغرافية بينها.

ورغم كل ذلك فمن المرتقب والمؤكد أن يختل نظام تقسيم الثروة بالمغرب وبالتالي فشل الجهوية المتقدمة في حالة بقاء التقسيم على ما هو عليه والذي يرسخ قضية المغرب النافع والغير النافع، والمغرب الغني والفقير، وبذلك ستتسع الهوة بين الجهات وبين مكونات الوطن الواحد، حيث ستبرز جهات متقدمة عن الأخرى في شتى المجالات فيما ستبقى الأخرى متأخرة بخطوات عديدة كما هو شأنها اليوم، حيث الدولة المركزية تولي اهتماماتها بالمركز أكثر من الهامش،

 كما أن التقسيم الحالي لم يحترم الخصوصيات الثقافية والتاريخية واللغوية والاقتصادية ثم الجغرافية أيضا، وهناك أمثلة عديدة على مستوى التراب الوطني عامة.

ومن المشاكل العويصة التي تشوب الجهوية المتقدمة .:

_ ـ قلة المناطق الصناعية و ضعف مساهمة الجهات في شركات الاقتصاد المختلط ما يحد من سياسة تحفيز الاستثمار.

_ـ عدم اتخاد تدابير فعالة لخلق مناصب الشغل بالتالي الحد من البطالة، و عدم تعميم تجربة المجالس الجهوية للاستثمار

_ـ غياب التوزيع العادل للثروات، عدم خلق الجهة لمشاريع استثمارية موازية وعدم الاهتمام بالإنسان كألية و هدف في نفس الوقت للتنمية.

_ـ وجود فوارق كبيرة و هوة شاسعة بين الجهات في مجال النمو الاقتصادي و التنمية البشرية.

_ ـ تمركز الثروة الوطنية في الشريط الساحلي الرابط بين اطنجة  والدار البيضاء وبالتالي استئثار هاته المدن بأغلبية الانشطة الاقتصادية و تهميشها لباقي المدن دون أن نغفل أن هذه الأخيرة تعاني كذلك من مشاكل ترتبط بالرفاهية.

_ـ  تباين كبير بين الجهات على مستوى النمو الاجتماعي و الاقتصادي من حيث الخدمات الأساسية و مدى تلبية حاجيات المواطنين من خدمات اجتماعية و توفير العيش اللائق للسكان من خلال تقريب الخدمات و خلق البنيات التحتية من مستشفيات و مؤسسات تعليمية و مرافق عامة: حيث أن خمسة أو سبعة مدن هي التي تتوفر فيها معظم هذه التجهيزات.

_ـ  ضعف أداء الفعاليات الاجتماعية تحديدا منظمات و جمعيات المجتمع المدني، وغياب ثقافة تعزيز وتنمية الموارد البشرية المحلية.

ـ نقص في الموارد المالية الذي يعيق تنفيذ المخططات والاستراتيجيات مع العلم أن إشكالية الموارد المالية والتقنية تكتسي أهمية كبيرة، و  ومن المستعجل الإسراع في إيجاد حلول للمشاكل المالية.

ـ غياب الموارد البشرية المؤهلة، ليس فقط إلى الموظفين، بل أيضا إلى المنتخبين، لإن الجهة تعول على المنتخبين وخبرتهم ومؤهلاتهم وتجربتهم وتكوينهم في مختلف المجالات لتحقيق التنمية المنشودة.

ـ أن المعيقات التي تحد من السياسة الجهوية تبقى مرتبطة بالعديد من المستويات منها السياسية بالأساس بحكم علاقة الدولة بالجماعات الترابية و بالجهة تحديدا، علاوة على غياب الارادة  السياسية الحقيقية للمتدخلين إن على المستوى الوطني أو على المستوى الجهوي ولا أدل على ذلك من البطء قي إحراج وتنزيل القوانين التنظيمية والتأخير في الإنجاز بعد 9 سنوا ت من إقرار الجهوية التي لم تتحقق إلا في الورق والمناظرات.

كما أن الاختلالات العديدة و المتعلقة بالمستويات القانونية والاقتصادية والاجتماعية أبانت عن وجود خلل يحد من تفعيل السياسة الجهوية، كل هذه المعطيات و العوامل لم تسعف الجهوية على تحقيق الاهداف المتوخاة منها.

وما يجب التأكيد عليه  في الختام هو إعادة النظر في التقسيم الجهوي الحالي (12 جهة) الذي تعتريه مجموعة من العيوب وبالتالي طرح تقسيم جديد للجهوية يعتمد على ثماني جهات فقط والتي تعتمد أساسا على تحقيق التوازن بين الجهات، وتحقيق الانسجام الداخلي لكل جهة والتكامل الاقتصادي والاجتماعي، وتأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الثقافية التي تدعم وتكرس وحدة وشمولية الثقافة الوطنية. والمقترح هو التقسيم إلى سبع جهات  لسنة 1971 بالإضافة إلى جهة الساقية الحمراء ووادي الذهب.

وهو يأخذ بعين الاعتبار، أن في المغرب مناطق غنية ومناطق فقيرة ويعمل على الدمج بينها في اطار ثماني جهات عوض 12 جهة، وان تقوم على تلازم استثمار كل جهة لمؤهلاتها على الوجه الامثل مع ايجاد اليات ناجعة للتضامن المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق في مغرب موحد

إذ لا  يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية بدون عدالة مجالية، فالتكامل والتضامن بين الجهات سيضمن النمو الاقتصادي المتكافئ والذي بدوره سيضمن النمو والاستقرار الاجتماعي .

إن إعادة التقطيع الجهوي بهذا المقترح  سيحقق التكافؤ بين الجهات على مستوى المقومات الديمغرافية والاقتصادية وعلى مستوى الإمكانيات التجهيزية والمرافق الاقتصادية بغية تنمية متوازنة ومتناسقة تعود بالفائدة على مجموع المكونات الترابية والبشرية للجهة، على اعتبار أن التقطيع الجهوي الذي يحقق التكامل الوظيفي بين مختلف المكونات التاريخية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية داخل تراب الجهة، لكفيل بجعل الجهة وحدة جغرافية مندمجة تستند إلى التكامل الحاصل بين مكوناتها في تعميق وترسيخ الديمقراطية على المستوى المحلي. واعتماد وتوظيف الجهة لمفاهيم « التخطيط الجهوي » كحلقة حيوية في تنسيق التخطيط الوطني واعتمادها مفهوم الحكامة الرشيدة في التدبير، واعتماد مبدأ التوازن والتفاعل والتكامل ما بين سلطات الوصاية واختصاصات ومهام المؤسسة الجهوية

كما يجب أن تعتمد الجهوية المتقدمة على نصوص تطبيقية تحدد بوضوح ماهية الاختصاصات الجهوية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتضع الحدود الفاصلة بين تدخلات كل من الدولة والجهة وباقي الجماعات المحلية، وأن تكون النصوص المنظمة لاختصاصات الجهوية المتقدمة تقريرية وواضحة ومحددة، وتبتعد عن النصوص العامة والفضفاضة مع التسريع في تنفيذ ميثاق اللاتمركز .

و يجب التأكيد على تحديث أساليب الإدارة واعتماد نهج تدبيري عصري، وتوفير أجهزة إدارية ومالية مستقلة تابعة للرئيس وذلك بغية ضمان جودة التدبير الجهوي وهو ما لن يتم إلا بإصلاح الوظيفة المحلية  كما ينبغي التحكم في الموارد البشرية من خلال نهج سياسة تكوين ناجعة تقوم على التكوين وإعادة التكوين.

ومن بين مداخيل النهوض بالتنظيم الجهوي بالمغرب ضرورة تأهيل النخبة المحلية من خلال تأطير الأحزاب السياسية، وكذلك من خلال المنتخبين وجعل رئيس المجلس الجهوي ينتخب انتخابا مباشرا، حيث يصبح امرا بالصرف وساهرا على تنفيذ قرارات المجلس الجهوي .

هذه باختصار بعض البدائل والاليات التي تلوح في أفق تطوير الجهوية بالمغرب باعتبارها رهانا وخيارا استراتيجيا من شأن تفعيلها والسير بها قدما أن يحقق للمغرب مكاسب كبيرة تجعله يجابه تحديات التنمية والعولمة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *