في اليوم العالمي لحرية الصحافة لن نقبل أن تكون البطاقة المهنية للصحافة فرصة للضغط.
فؤاد الجعيدي
في هذا اليوم الذي يصادف الثالث من شهر ماي والذي يحتفي فيه المنتظم الدولي، باليوم العالمي لحرية الصحافة، قد يكون المناسبة المثلى لتطارح سبل وأشكال ضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحافين، وأيضا فرصة للتفكير والتأمل في واقع الممارسة الإعلامية ببلادنا، حول قضايا حرية الصحافة وأخلاقيتها، وما ينبغي أن يكون عليه الدعم للارتقاء بها للقيام بوظائفها الاستراتيجية في الدفاع عن قضايا الأمة، والإسهام الناجع في مرافقة التحولات الهادئة والعميقة، التي يعرفها المجتمع في صياغة نماذج جديدة، للتوافق مع مرحلة استكمال الانتقال الديمقراطي كضرورة، لبناء المجتمع الحداثي حيث السيادة والسلطة للقوانين المتوافق بشأنها مجتمعيا.
صحيح أن الدولة المغربية، لم يعد لها مركب نقص في الاعتراف بأخطاء
الماضي، وكلفته على التطور الطبيعي للمجتمع، وتعاطت بجرأة في بناء المؤسسات الاستشارية التي انخرط فيها المعنيون المباشرون بحقوق الحرية، ومنها المجلس الوطني للصحافة والذي فوضت له اختصاصات طبقا لمقتضيات الدستور ومواد القانون المحدث له، كمؤسسة وطنية مستقلة تتولى في إطار القانون 90.13 ومن بين مهامها:
- التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر.
- وضع نظامه الداخلي الذي يصادق عليه بنص تنظيمي.
- وضع ميثاق أخلاقيات المهنة يدخل حيز التطبيق بعد مصادقة المجلس عليه ونشره بالجريدة الرسمية والسهر على تنفيذه.
- وضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها. ؛
- منح بطاقة الصحافة المهنية.
لكن ما واجهنا في الحصول على البطاقة المهنية، أمر لا يصدق حيث أن اللجنة رفضت وعلى مرتين على التوالي منحنا البطاقة المذكورة، وفي كل مرة تبني مواقفها على سوء تأويل لاختصاصاتها. وحين نتأمل العدد الهائل ممن توصلوا ببطائقهم، نصاب بنوع من الخيبة لعدة أسباب، من بينها أن المعايير المعتمدة في توزيعها لا تتناسب والشروط الموضوعية، بل نصاب بالدهشة حين ننصت للبعض ومن داخل هذه الهيئة يتحدث عن الإعلام والديمقراطية، ويعني ذلك وجوبا عدم الانزلاق نحو الحسابات السياسية الضيقة، وأن لا يأخذ الحق طريقا للإكراه في الانتماء لجهة دون أخرى وهو الحق الذي لا وصاية لأي كان عليه ما دام دستور المملكة يعترف به كأحد الخيارات التي تستوجب ممارستها الحرية في الاختيار دون تضييق عليها.
في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، بدا لنا ومن الحق الطبيعي أن نثير هذه الإشكالية لماذا نحرم من بطاقة الانتساب للإعلاميين.
ألم تشفع لنا ممارستها منذ بداية سنوات الثمانين من القرن الماضي لننال الصفة؟
ألم يشفع لنا أمر الموقع الذي أسسنا منذ 2017، لضمان الانتساب؟
ألم تشفع لنا الافتتاحيات اليومية التي نعالج فيها القضايا والمواقف على منبرنا والذي يحظى بالتميز والاٌقبال من لدن نخبة من المثقفين والحقوقيين لننال بطاقتنا؟
أليس من باب الاستغراب أن نجد الجهة التي تمثل الصحافيين هي من تقف ضد هذا الحق؟
وكم يلزمنا من الوقت الميت، لإقناع من يصمون آذانهم على أن الحق لا يقبل سوء التأويل. وأن الخوض في هذا النهر، لن يولد سوى صراعات نحن في غنى عنها، في ظل أن ما يشغلنا هو بناء مؤسسة إعلامية مثل باقي المؤسسات، ولها الحق في الوجود وأن من ينازع في هذا الحق فهو على ضلال بين.
لكن يظل الأمل قويا في انتزاع هذا الحق باعتباره مؤشرا على ما يكفله تشريعنا
الوطني من حقوق في التعبير عن حرية الرأي.