انقدوا التقدم والاشتراكية من البوادر الجنينية للداعشية والفاشستية

انقدوا التقدم والاشتراكية من البوادر الجنينية للداعشية والفاشستية
شارك

فؤاد الجعيدي

المتتبعون للحياة السياسية والمعنيون بالشأن الحزبي، يراقبون عن كتب التطورات السيئة التي يعيشها حزب التقدم والاشتراكية اليوم، ولا أحد يمكنه التكهن بما يمكن أن يترتب عن هذا التعنت الأعمى الذي يسلكه الحاج نبيل.

لقد سجل الملاحظون أن الحركة السياسية (سنواصل الطريق) انبثقت من رحم الحزب، وجاءت كرد فعل طبيعي على قرارات اتخذها الأمين العام بطرد رفاق له من القيادة الوطنية للحزب ومشهود لهم بالكفاءة، لأنهم فقط عبروا عن مواقف مختلفة لطروحات الأمين العام، وشمل الطرد أيضا عددا من أعضاء اللجنة المركزية، وتم تعطيل عمل لجنة المراقبة السياسية، ووصلت تداعيات الطرد الجماعي إلى الشبيبة الاشتراكية.

ومنذ انبثاق الحركة وهي تسعى لمصالحة وطنية شاملة، لتضميد الخيبات التي مني بها الحزب، بعد أن فك ارتباطه المفاجئ بحزب العدالة والتنمية، وخرج من الحكومة التي شاركها كل القرارات القاسية على شعبنا، ولم تكن المبررات المقدمة ساعتها لتقنع على الأقل بعض رفاق نبيل بهذا المواقف.

جبهة الرفض عبرت عن استيائها من الأمين العام وحده، والذي ظل في اعتقادها يناور ويولد الأزمات، بالرغم من أنه لم يراكم سوى الفشل الذي حصل عليه بالإقالة ثم الهزيمة في الاستحقاقات الأخيرة.

اليوم يتضح أن الحاج نبيل، لم تعد له القدرة على السيطرة على أعصابه، ولا التحلي بالحكمة والحنكة من موقعه كأمين عام، يفترض فيه السعي لإدارة الخلاف بما تقتضيه الأعراف الديمقراطية وما عرف عن مناضلي التقدم والاشتراكية في نبذهم للعنف وجنوحهم، للنقاش من أجل التوافقات المطلوبة.. وليس إطلاق العنان للكلام السوقي الذي ينهل من قواميس الزندقة.

إن استنجاد الأمين العام بعناصر دخيلة عن الحزب ودعوتها المباشرة لممارسة العنف على رفاق الدرب، يعتبر مؤشرا خطيرا في هذه المرحلة من تاريخ هذا الحزب الوطني.

لم يعد نبيل يخفي رغبته في توسيع دائرة المواجهة حين توجه لرفاقه في اللجنة المركزية وطالبهم بضرورة الخروج للمواجهة، والاصطفاف إلى جانبه.. ومواجهة رفاق أعضاء من الديوان السياسي واللجنة المركزية وهم الذين ظلوا يتعففوا عن كل اصطدام دون جدوى سياسية.

غير أن هناك من قاده الحماس لتوجيه رسائل داعشية من أعلى منصة اللجنة المركزية والدعوة لذبح رفاق الأمس.

إن ما يحدث اليوم يعكس أننا إزاء حركة فاشية في أطوارها الجنينية، تتكون داخل التقدم والاشتراكية، تؤمن بالعنف وممارسته علنا والتحريض عليه.

ولا نعتقد أن أحد الرفاق، ممن يكن لهم الاحترام داخل الحزب، بادر ونبه لمخاطر هذه الأساليب التي ينهجها الحاج نبيل، ومن يدور في فلكه اليوم، وما تمليه من إدانة فورية، وأن هذه الدعوات لا تنسجم مع المواقف التاريخية للتقدم والاشتراكية، والذي ظل سباقا للتنديد بالعنف وبالأنظمة الديكتاتورية، كما كان يفعل مع النظام العسكري للراحل صدام حسين إبان حرب الخليج الثانية وغزو الكويت، ولم تنفعه هداياه لتليين مواقف الحزب الثابتة من أحداث الخليج، وقبلها كان له موقف متميز من حرب الرمال بالرغم مما قساه الرفاق من اعتقالات وتعذيب في درب مولاي الشريف. وأدواره في رأب الصدع بين رفاق الحزب الشيوعي السوري وتذويب الخلافات بين الرفاق السوريين في أحد المؤتمرات الوطنية للحزب. وهي المواقف التي كان معها التقدم والاشتراكية يحظى بالاحترام الدولي والوطني والعربي.

لكن اليوم التقدم والاشتراكية يعيش منعطفا سيئا، وأن الخاسر الأكبر في كل هذا الحركة اليسارية وإلى جانبها كل المؤمنين بالخيار الديمقراطي ببلادنا كخيار استراتيجي لا رجعة فيه.

لم يعد نبيل بن عبد الله مفتاحا لحل الأزمة، التي عمرت منذ اعتلائه الأمانة العامة للحزب، ومن باب الجنون أن يعتبر نفسه أنه ضروري للبلاد والعباد. وعليه الرحيل دون سعي في سياسة الأرض المحروقة التي لا تبقي ولا تذر على أخضر ويابس.

هناك أصوات شابة باللجنة المركزية، عبرت عن قلقها إزاء ما يحدث وتعاطت بلين سياسي، وتقدير موضوعي ولم تترد في الكشف عن الفروع الجامدة ومن تولى أمرها وقادها إلى الفشل الذريع وظل يحظى بكرسي شكل عبء سياسيا على التعاطي الوظيفي، وأن تجديد الدماء أمر طبيعي في كل تنظيم يستهدف التكيف والتطور للتأثير في الأحداث والظروف وأن هذا التجديد لا يرتبط بالأمانة العامة وحدها بل كل هياكل الحزب محليا وإقليما وجهويا.

 من الواجب اليوم تدارك ما يمكن تداركه، على الحكماء في وطننا التدخل للجم العنف وأعني بهم الأحزاب الشقيقة والقريبة من التقدم والاشتراكية، وبعض من تبقى من القادة التاريخيين للحركة الوطنية، وأيضا بعض رجالات الحركة الحقوقية والمدافعين عن الكرامة الإنسانية للبشر وحق الانتماء السياسي، وأيضا كل مثقف غيور على هذا الوطن وعلى ممارسة السياسة وفق قواعد وشروط التراكمات الديمقراطية التي ضحت من أجلها أجيال وأجيال وراح من أجلها شهداء هذا الوطن ليس عبثا، وإنما ارتقاء بطموحات هذا الشعب الأبي الذي راكم المحن في محطات تاريخية عديدة، خرج منها الوطن منتصرا لقضايا الحقيقية وعلى رأسها انتزاع حرية الانتماء كجزء من مقومات المواطنة الحقة التي يصونها دستور المملكة، وأن نزوات الطرد لا قاموس يستوعبها.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *