أخطر ما يواجه تنمية البلاد، الذين يعملون على حماية مصالحهم الشخصية

أخطر ما يواجه تنمية البلاد، الذين يعملون على حماية مصالحهم الشخصية
شارك

فؤاد الجعيدي

 

أشك أن السياسيين في بلادنا يقرؤون أو يخصصون بعض الوقت لمتابعة ما يجري في العالم من صراعات حول الأفكار، والنظريات في مجالات التدبير الاقتصادي، لإيجاد الحلول لهذا التضخم الذي بات يأكل أرزاق الناس..

كان السياسيون في بلادنا وإلى عهد قريب، لا تفارقهم الكتب والمجلات والجرائد اليومية، أذكر على سبيل الاستئناس الراحلين علي يعته عبد الرحمان اليوسفي ، وأيضا يساهمون في إثراء الحياة السياسية بما يقدمونه من مقالات وكتابات، يتضح فيها التمكن من اللسانين العربي والفرنسي وكانت لهم معارف متينة وثمينة وجاؤوا من صلب نضالات مريرة.

لكن اليوم بتنا نعايش رهطا جديدا، لا يتحكمون في ألسنتهم التي طالت بالقبح، ولا يتورعون في الخروج إلى حوارييهم بخطابات تمثل السخافة في أبهى صورها بشاعة، وينهلون من اللغة السوقية بأساليب شعبوية يريدون بها، إقناعنا أنهم ينحدرون من أوساط الشعب ويمتلكون تعابير الأزقة والدروب.

ومنهم من اختار أن يتوجه للشعب بقبيح النعوت والاتهامات، وباتوا اليوم يشكلون حركة للصعاليك في الفكر السياسي المغربي، وهنا أتحفظ عن إثارة نماذج بعينيها، لكن للظاهرة امتدادات في اليسار واليمين من الأحزاب إلا من رحم ربي.

في الوقت الذي ظلت فيه المؤسسة الملكية على عهد محمد السادس، تحمل قلقها على هذا الشعب العزيز، الذي لا نرى له عزة عند السياسيين، وفي ذات الوقت أن المؤسسة الملكية وفي كل الخطابات السامية تقدم أفكارا ومشاريع في عمليات البناء الوطني والمؤسساتي، وتناشد الانتقال بالمجتمع المغربي إلى رحاب جديدة.. وتعمل على تنبيه كل الفرقاء لمختلف التحديات الحقيقة التي تواجها البلاد داخليا وخارجيا.

وبالعود، للأحزاب السياسية المغربية يلاحظ الخطاب الملكي (أن أخطر ما يواجه تنمية البلاد، والنهوض بالاستثمارات، هي العراقيل المقصودة، التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية، وخدمة مصالحهم الخاصة. وهو ما يجب محاربته).

وهذه الفقرة من الخطاب كانت قوية بالإيحاءات والدلالات لجيوب مقاومة التي تتغلب فيها النزوات الذاتية، على المصالح العليا للوطن، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد وفي هذه الظروف الدولية، تعزيز التماسك الاجتماعي وصيانة الاستقرار والتصدي لنزعات التشكيك في إمكانية الخروج من أوضاع الهشاشة والتوجه لبناء الدولة الاجتماعية الحديثة والقوية التي يتصالح فيها الرأسمال الوطني مع القوى العاملة للتصدي لعوامل التخلف والتأخر التاريخي ومواجهة التحديات الخارجية والأوضاع الدولية الجديدة.

وهنا تعود المسؤولية للقوى السياسية، التي يجب عليها اليوم وبدون تردد القطع مع أساليب التنابز اللفظي، وأن تتمثل وتيرة السرعة التي تسير بها المؤسسة الملكية نحو أهداف استراتيجية واضحة، وعلى هذه الأحزاب أن تعيد بناء ذواتها من منطلقات الانفتاح أكثر على الشباب، وعلى روح العصر المتشبعة بالاختيارات الديمقراطية وأن تكون للعديد من قاداتها الذين فشلوا الجرأة والشجاعة لتسليم المشعل للكفاءات الصاعدة والقادرة على المساهمة في عمليات البناء والوطني بأفكارها وتطلعاتها إلى المستقبل.

وهي الكفاءات التي تنصت أكثر من غيرها للتحولات الجارية وتتفاعل معها بكل ما يقتضيه عصر اقتصاد المعرفة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *