هل بات العالم يستفيق من تبعات العنف الرأسمالي؟

هل بات العالم يستفيق من تبعات العنف الرأسمالي؟
شارك

فؤاد الجعيدي

يوم أن وصلت الرأسمالية إلى اعتماد الإنسان سلعة قابلة للبيع والشراء، عشنا انقلابا هادئا ساعدت في ترسيخه هذه الإيديولوجيات التي وظفتها كبريات المؤسسات المالية المتحكمة في القارات، والتي لها قدرات هائلة في الإبداع المتواصل، لتحنيط الناس وجعلهم مثل الدمى في علاقاتهم الاجتماعية.

باتت الدعوات في العديد من الأوساط توصي الحكومات، بالتخلص من القطاعات العمومية وما ترعاه من خدمات أساسية وضرورية للحياة الاجتماعية، ودخلنا مرحلة صار فيها القطاع الخاص سيدا.. وأخطر ما في الحكاية حين غدا يتحكم في الصحة والتعليم ويقوم بالاستثمار فيهما..

لم تعد الصحة تعني أن الدولة تتكفل بالعلاجات الضرورية، بل بات الناس يعالجون وفق ما يملكون من مال.. والأسر تقتطع من أجورها، لتحمل نفقات التعليم لأبنائها بالمؤسسات الخاصة، التي يبدو عليها بحكم ما تم له من ترويج أنها قادرة على تأمين المستقبل للأبناء والأجيل القادمة..

في حين توالت كل القرارات القاسية والمساعدة على تبخيس الخدمة العمومية.. وهو تبخيس امتد إلى السياسة وانتزع منها معاني التضحية والالتزام بقضايا المستضعفين، والذين ظلوا وقودا لآلة الرأسمالية التي حققت تحكمها المطلق، في سياسات البلدان التي وجدت حاجتها أكثر إلى الانضمام إلى نظام يصعب فك الارتباط به، مادام يوفر الإمكانيات لتقديم القروض المالية بالدولار الأمريكي، ويتدخل أكثر مع عمليات الاقتراض المستمرة، لفرض وصاياه على ما يجب القيام به من سياسات أثبت التاريخ عدم جدواها في تحقيق أي استقرار اجتماعي للعديد من البلدان بقدر ما عمق الأزمات بها. وجعل ساحاتها الاجتماعية عرضة للهشاشة والهزات المتوالية.

لكن التاريخي البشري، ظل يعلمنا أن القهر والتسلط كان ولا زال يحظى بالمقاومة من أجل رفاهية الناس وهي الرفاهية، التي لا يمكن للأنظمة الرأسمالية تحقيقها بحكم نزعتها الجارفة للاستحواذ على المال والعمل على مراكمته على حساب استقرار الناس وحقهم في الحياة.

اليوم هنا أنظمة عالمية تسعى لوضع حد لهذا الطغيان، وفي الأفق تلوح تحالفات جديدة، وما كان محرما بالأمس في العلاقات الدولية غدا له أكثر من مبرر للقبول به والتعاقد على أساسه.

لكن هناك قلة من الناس لا زالت تعيش على الشعارات القديمة ولم تقدر على التخلص من رواسبها، وتحن إلى إيقاظ العدوات ولم تستوعب بعد على أن ما نقبل به من حقائق سياسية، هي نتاج لمراحل معينة من الصراع وأن هذا الصراع بالذات يغير من المواقف كل الناس.

وما ينفع هؤلاء الناس هو ما يتماشى مع ضمان الاستقرار لهم في الحياة وتحقيق التوازنات المطلوبة..

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *