الصحافة الالكترونية وأوضاعها الهشة: الواقع والبدائل في مشروع النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام
فؤاد الجعيدي
نظمت النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بالمقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل، يوما دراسيا تحت شعار: (النموذج التنموي، يعني علاقات عمل، ضامنة للاستقرار والارتقاء الاجتماعي)
هذا اللقاء الذي عرف مساهمة أساتذة جامعين ومختصين وصحافيين مهنيين، إلى جانب حضور وازن للمنابر الإعلامية الالكترونية، هذا الحضور الذي لم يكتف بمتابعة الأشغال بل، ساهم وبرقي في النقاش الذي امتد بعد المداخلات إلى ما يناهز الساعتين.
اللقاء اهتم بالأوضاع والظروف العامة، التي يجتازها الإعلام الرقمي في سياق أزمة كورونا التي زادت من هشاشته وهو قطاع ينتظر منه أن يلعب أدورا استراتيجية في الدفاع عن أم القضايا الوطنية المتعلقة بمغربية الصحراء وتأطير النقاشات العمومية حول القضايا السياسية والاجتماعية ويعمل على التصدي لنشر الإشاعات وتنوير المواطنين.
منذ سنة 2012، قامت وزارة الاتصال بنشر كتابها الأبيض الذي رصدت فيه وشخصت أوضاع الإعلام الرقمي وحددت أهدافا للنهوض به.. لكن من كل هذا، ازدادت أزمات المواقع الرقمية والبعض منها تخلص من المتعاونين ولحق الضرر من يمتهن التصوير والمونتاج، في غياب أي دعم مالي من الجهات الوصية..
لقد وقفت الندوة على طبيعة المقاولات الإعلامية الصغيرة لتحليل المفارقات التي تعيشها، فهي مشاريع لا تستهدف الربح، مثل باقي المقاولات الإنتاجية، صناعية أم تجارية وخدماتية التي يظل يحكمها منطق الاستثمار الهادف لإنتاج الربح وتنمية الرأسمال، حيث أن الكتابة في بلادنا لا تؤمن الرزق باعتبارها تدافع عن مواقف وآراء وقضايا وتهتم بالشأن العمومي والمحلي وبقضايا المواطنين، وهناك من يستغل هذه الهشاشة للمواقع الرقمية لتوظيفها وبالتالي تفتقد قدراتها على حرية التعبير وصيانة أخلاقيات المهنة.
وفي توصياته اليوم الدراسي خلص إلى مجموعة من التدابير الواجب اتخاذها من طرف السلطات الوصية، ومؤسسات الدولة والمؤسسات المنتخبة، والتي ستكون مضمنة في البرنامج المطلبي للنقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام.
إعادة النظر في أشكال الدعم الوطني العمومي للإعلام بإدماج الإعلام الرقمي لما بات يحظى به من انتشار واسع بين الناس. والتشريع لتمكين المنابر من الحصول على الدعم من المجالس المنتخبة.
وخلق آليات لتتبع ومصاحبة المنابر الإعلامية الرقمية وتمكينها من الهيكلة والارتقاء إلى مقاولات عصرية، دون أن يكون للدعم ارتباطات بالضغط السياسي من الجهات المدبرة للشأن العمومي.
ومن دون شك فإن اللقاء قلب مواجع كثيرة، وعمل على التشخيص الدقيق للوضعية الراهنة للإعلام الرقمي ومنابرها في بلادنا وما تعيشه من مفارقات قوية وصارخة، تستدعي الانكباب على هذه الأوضاع والقيام بإصلاحات كبرى فيما يتعلق بالجوانب التشريعية التي أثبتت الممارسة عدم قدراتها على القيام بالتغيرات المنشودة..
ولن تتحقق هذه الأهداف إلا في إطار وطني يعمل على إشراك الفاعلين الحقيقين في المشهد الإعلامي، وصولا إلى توافقات كبرى تشكل الانطلاقة الحقيقية للإعلام الرقمي في زمن اقتصاد المعرفة.