هل الإعداد لمؤتمر التقدم والاشتراكية لا زال فيه ما يغري سياسيا؟

هل الإعداد لمؤتمر التقدم والاشتراكية لا زال فيه ما يغري سياسيا؟
شارك

فؤاد الجعيدي

كل المحطات التي عاشها التقدم والاشتراكية من موقع المعارضة البناء، كانت تشكل حدثا سياسيا بارزا يحظى بالتتبع الوطني والدولي لما يتمخض عنها من نقاشات سياسية رفيعة وبعمق فكري يبني مواقفه من كل القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية انطلاقا من تحاليل موضوعية وخلاصات التفكير الجماعي، والتي تكون مناسبة أمام مثقفيه ومناضليه لاستحضار أدوارهم في الحركات الاجتماعية والتحالف مع الشعوب والأمم التواقة للحرية.

وكانت بالذات هذه المواقف التحررية من الهيمنة الإمبريالية والاستغلال هي التي تنير أفاق النضال الديمقراطي.

وهي الظروف التي أنتجت أجيالا من المناضلين، الذين لا يستهويهم التسلق الاجتماعي بل كانوا يتعففون في تحمل المسؤوليات التي كانت ثقيلة ثقل الجبال.

وبالذات كانت التوجهات العامة لهذه المدرسة بمواقفها المبدئية والثابتة تحظى بالتقدير والاحترام من طرف فئات واسعة داخل المجتمع.

لكن يبدو اليوم أن هذا التوهج فقد الكثير، من قوة التأثير في الأحداث، وتعود الأسباب في عجالة شديدة إلى هيمنة النزعة الفردانية وتغليب الذاتية واختصار المسار السياسي لحركة اجتماعية برمتها في صراع على الأمانة العامة ومن انفرد بها لثلاثة ولايات متتالية لم يعد الأمر هينا عليه للتخلي، وهذا الموقف بالذات يطرح أكثر من سؤال حول المنافع التي تجنى من كذا موقع الذي بات يقدم نموذجا سياسيا غير مؤمن بقواعد الديمقراطية ولا يستحضر أنه يدير بشرا وليس قطيعا مهيأ للمباركة والتصفيق.

لقد تمكن في وقت قياسي من التخلص من كل الأصوات التي عبرت عن قناعاتها الخاصة وبأسوأ السيناريوهات التي كشفت على أن السياسة لم تعد نبلا وأخلاقا، وبالأخص حين يستدعى من خارج التنظيم من يعمل على التخويف.

الحراك قبيل المؤتمر يتسلل إلى المكتب السياسي في الوقت الميت الذي يظهر فيه غاضبا من قدماء الحزب يفسر غيابه عن الاجتماعات ويتشبث بحقه للترشيح لمنصب الأمانة العامة، لكن التاريخ القريب يفيد وفي مرات سابقة أن من دخل ضد الزعيم لم يكن سوى أرنبا للسباق.

وهذا المنطق سيبحث له في الأيام القادمة عن أرانب أخرى، ستأتي إلى حلبة السباق ميتة، لأن من توافقوا سرا وعلنا على بقاء الزعيم سيرفعونه على أكتافهم مثل دمية أعراس البهرجة.

ولن تقو المحطة القادمة للمؤتمر على أن تكون حدثا سياسيا بالمعنى المتعارف عليه..

لأنها لم تستفد من التغيرات المجتمعية وطبيعة نضج أوضاعنا وظروفنا الوطنية، والتي باتت تفرض أكثر من أي وقت مضى التفكير في أشكال تنظيمية جديدة تتيح الانخراط الواسع أمام الشباب والنساء بالأخص في صناعة الفعل السياسي المبني على الديمقراطية كخيار استراتيجي.

ولم يستفد من ظواهر العزوف عن الأحزاب كما هو عليه حالها، كما أن الرهان على الوافدين لم يعد آلية لبناء حزب المستقبل.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *