المغرب الصاعد

المغرب الصاعد
شارك

فؤاد الجعيدي

ليس صدفة أن يستهدف مغرب اليوم، أكثر من أي وقت مضى من طرف مجموعة من الدول الأوربية، ومن طرف الإعلام الغربي ومنظماته الموالية، التي تتغذى من حنين زمن الهيمنة الإمبريالية المقيتة، والتي يسجل عليها تاريخ الشعوب، مناهضتها لكل أشكال التحرر من التبعية.

لقد اختار المغرب، التوجه إلى العمق الإفريقي، والتطلع إلى التعاون مع بلدانه، في تجارب جديدة مبنية على منطق جديد، رابح رابح، للنهوض بالمجال والإنسان الإفريقي، وحق هذه القارة السمراء أن يعيش فيها الناس خارج التطاحنات العرقية والإبادة الجماعية في صراعات وانقلابات عسكرية، كانت تخلقها الدول الغربية ليستمر إحكام قبضتها على الشعوب ومقدراتها.

هذا الوضع الجديد في التحرر، قادته المملكة المغربية، بما ينبغي أن تكون عليه الصرامة، في عدم السماح للدول التي اعتادت أن تلعب بوجوه مختلفة، في علاقاتها مع المغرب، حيث تناشد علاقات الصداقة، حين يتعلق الأمر بالاتفاقيات الثنائية وعقد الصفقات التجارية مع المملكة، لكنها في المقابل تظهر العداء كل العداء لبلادنا في حقها التاريخي والمشروع على سيادتها الوطنية.

لكن عاهل البلاد كان صارما وواضحا، في التعبير عن مواقف المغرب، في عدم القبول بالمس بهذه الوحدة المقدسة، والتي أظهر معها المغاربة إجماعا وطنيا، لمختلف الحساسيات السياسية وقدم مشروعا حظي بالدعم الدولي، كحل توافقي متفاوض بشأنه ويعطي لساكنة الصحراء المغربية حكما ذاتيا موسعا في إدارة شؤونهم ضمن الوحدة الوطنية التي لا تقبل التنازل أو المزايدة.

لكن من ظل يستهويه التلاعب، بالمفاهيم الكونية، وجد أن الدبلوماسية المغربية غدت أكثر شراسة في رفض من يساوم مهما كانت العلاقات والروابط معه.

هذا التجريب خسرته السويد وألمانيا واسبانيا، ثم جاء الدور على فرنسا التي حركت أدرعها، هذه الأدرع التي أكدت أنها ليست مستقلة ولا محايدة، بل مناصرة لهيمنة لم يعد القبول بأمرها ممكنا مع هذا المغرب الصاعد، والذي منذ اعتلاء الملك محمد السادس المتشبع بقيم الثقافة الكونية، والمبادرات الخلاقة في مواجهة عوامل التخلف، لبلد له من الإمكانيات ما يكفيه اليوم للعب أدوار طلائعية، في عالم ما بعد الجائحة والذي قرر دون هوادة طرح البدائل للنهضة بالإنسان الإفريقي.

لا ننسى أن محمد السادس، خاض على مستوى البحث الأكاديمي أطروحة لمناقشة العوامل التي تقوى من خلالها بلدان المغرب العربي، على مواجهة السوق الأوربية، في المفاوضات بإدماج الملفات الكبرى للصيد البحري والنفط الجزائري. واكتساب القوة والمناعة للحد من انفراد الدول الأوربية مجتمعة بهذه البلدان منفردة..

لما ضاع هذا الرهان ولأسباب بعضها موضوعي لما واجهه المغرب العربي، من صراعات وضغوط ذاتية، تحول المغرب إلى عمقه الإفريقي، وإلى التعاون الجديد مع الصين الشعبية، ومن تغيير الاستراتيجيات بالتطبيع مع مغاربة الشرق العربي والذين أظهروا أن هذا الشمال الإفريقي متجذر في هويتهم التراثية وبالتالي هم معنيون بتقدم ورفاه هذا المجال موطنهم التاريخي.

اليوم هذا المغرب الصاعد يثير قلق الدول الغربية، والتي لم تستشعر بعد أن الدورة الحضارية في عالم اليوم، لم تعد معها أوروبا الهرمة، بقادرة على قيادة العالم الإفريقي والذي تلطخت أياديها بدماء شعوبه.. ولم يستوعبوا الدروس في ضرورة ترك إفريقيا لرجالاتها ونسائها السمر الذين فتح لهم المغاربة اليوم هذا الوطن للعيش تحت سمائه والتداوي داخل مستشفياته والاستفادة من فرص العمل الناشئة على قدم المساواة مع كل المغاربة.

هذا الأمل لن يخترقه هذا التشويش لأبواق مسعورة قادة من ذللك الغرب الذي فقد قواه وبات ينبح مثل كلاب ضالة.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *