الإعلام: صناعة للرأي والتأثير في المواقف

الإعلام: صناعة للرأي والتأثير في المواقف
شارك

فؤاد الجعيدي

لا زلنا نتذكر الطرق التي سلكها الإعلام الغربي، للتمهيد لحرب الخليج ضد نظام صدام حسين، حيث أن الآلة الإعلامية على مدى شهور، أقنعت الرأي العام الدولي، بأن النظام العسكري العراقي يتوفر على ترسانة من الصواريخ العابرة للقارات، والحاملة للرؤوس النووية، وبإمكانها أن تدمر في أبعد النقاط من العالم.

وكانت مخيلة الشعوب العربية تتغذى بقوة، من هذه الأوهام وهي تتابع التصريحات اليومية للصحاف، وتنتظر سقوط تل أبيب ونيويورك، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، تحشد تحالفا دوليا من 34 دولة، للهجوم البري والبحري والجوي، الذي دمر العراق وقاد التحالف العسكري للتوغل في الأراضي العراقية..

الراحل الحسن الثاني انتبه للقادم السيء، على المنطقة العربية ووجه نداء لصدام، يلتمس منه مغادرة ما كان يعتبر محافظة عراقية في الأراضي الكويتية، التي تم التوغل فيها والتنكيل بأهلها.

مثقفون مغاربة انطلى عليهم الوهم الإعلامي، وباتوا يزعمون قوة هذا النظام العراقي، التي فتحت عهدا جديدا لأمة عربية كانت تنزلق بقوة كمزة للكبار.

هل كان من اللازم أن يمر عقد من الزمن، لنكتشف فيه أن الجيش العراقي في الصحراء وعلى الحدود المتاخمة للكويت، لم يكن يملك حتى الأحذية؟ وعملت دبابات التحالف على دفن الجنود أحياء في رمال الصحراء.

 الخلاصة أن الإعلام الأمريكي والغربي، صنع في العقول العربية أوهاما، وعمل على تزييف الحقائق والوقائع، مثلما تفعل سينما الخيال العلمي، ومن هنا تأتي خطورة الإعلام في العمل على تأثيث العقول بما يخالف الواقع الحي.

اليوم نعيش التأليب من طرف الإعلام الجزائري، على شعورنا الوطني وعلى رموزنا بصناعة إعلامية، تعمل على فبركة ونشر المقاطع الزائفة، وتدفع بمزيد من التشكك في كل الانجازات، بل يتم الاستعانة بالذباب الإليكتروني، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للقيام بنشر قيم الحقد والعداء بين شعبين، لهم من الروابط ما لا يعد ولا يحصى، في الوقت الذي يقع فيه التعتيم على ما يجري من انتهاكات يومية للحريات والكرامة الإنسانية بخيمات تندوف التي صارت معتقلا جماعيا تحت الحراسة المشددة للمليشيات العسكرية..

هذه الجبهة الإعلامية المفتوحة، لا يمكن التصدي لها في هذه الظروف الراهنة إلا بتكوين جبهة حقوقية إعلامية للمساهمة في نصرة قضيتنا الوطنية بحلول ساعة حسمها، وأيضا لتنبيه الإعلام والاعلاميين الجزائريين الديمقراطيين، والمغاربيين لخلق جبهة واسعة للتصدي لدعاة الحرب، وتغذية الحقد بين شعوب المنطقة .

اليوم مناورات الخصوم لا تتعدى الشريط الحدودي، علما أن الجدار الأمني عليه عيون القوات المسلحة الملكية، والتي لا تنام في تتبع ورصد كل تحركات الأعداء والخصوم على مدى مئات الكيلومترات من الجدار.

هذا التقويض الميداني، ازدادت معه حدة جنون قصر المرادية، والذي ضاقت عليه مساحة تصدير أزماته الداخلية، لكن لم يستسلم في الشوط الأخير، للعودة للرهان على صنيعتهم التي يمدونها بالمال والسلاح على حساب مستقبل المنطقة وعيش شعوبها في أمن وسلام.

الإعلام الجزائري الرسمي، لم يتردد في التدخل السافر في مواقف المملكة واختياراتها الاستراتيجية وتحالفاتها الخارجية، والتي تظل شأنا مغربيا لا يعني غيرنا.

ومن هذا المنطلقات، علينا تمتين جبهتنا الإعلامية، للترافع بقوة على وحدتنا الوطنية، وعلى التحديات وأن نميز بدقة ما يخدم مصالحنا الوطنية العليا، وعدم الانزلاق وراء أوهام وشعارات عمل التاريخ المعاصر على تكذيبها.

المواطنون: لقضيتنا والوطنية حضور كبير في وجدانهم وشعورهم الوطني، وحولها إجماع وطني قوي من كل القوى السياسية والنقابية، والتنظيمات المدنية الحية، وهو عامل قوة في موازين الصراع، والذي لم يكن في يوم من الأيام قضية نظام، وهؤلاء الموطنين، لهم حاجات ملحة لمعرفة المزيد من الأخبار وتطوراتها الميدانية عن القضية، وعلينا دون تردد الانخراط في هذه المهمة وأن نعمل على تلبيتها دون سوء تفسير وتأويل، والتعاطي معها كصراع إقليمي، نستحضر فيه جبهة الخصوم التي تسعى لتأمين مصالحها الحيوية على حساب قضيتنا الوطنية، أثبت التاريخ والوقائع والأحداث،  أن لنا  بها إيمان عميق بأنها قضية حق غير قابل للمساومة في كل الظروف والأحوال..

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *