سطات والإعلام، بين المد والجزر

سطات والإعلام، بين المد والجزر
شارك

فؤاد الجعيدي

الوضع الإعلامي بسطات ليس على ما يرام، ويمكن أن نقر بأنه عرف تراجعات عما عاشه من تجارب رائدة في العقد الأخير من القرن الماضي.

لذا بادرنا في النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بتوجيه دعوة لكل الفرقاء المحليين، للتداول في التصورات التي يكونها مسؤولي الإدارات والمصالح الخارجية والسلطات المنتخبة على ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة، بين المؤسسات والصحافة بمختلف مشاربها وحساسياتها الفكرية والإيديولوجية، لكن لم يتم التجاوب مع هذه الدعوة، التي كانت إيمانا وقناعة في انتاج فائض قيمة معرفية بقضايا الإعلام الجهوي في علاقاته بقضايا الشؤون العامة ومتطلبات النموذج التنموي وحاجاته لفضائل النقاش العمومي.

لم يجف مداد مقالاتنا، حتى تلقينا إشعارا من الشرطة للمثول بمكتب إحدى دوائرها، حيث تم إيداع شكاية من طرف أحد الأشخاص ضدنا لدى النيابة العامة للمحكمة الابتدائية بسطات.

وبالفعل فتح محضر استماع، في قضية ادعى فيها شخص معروف لدى شعب المحكمة، ولدى الشرطة بكثرة التقاضي والنزاعات، وأن يتقدم بشكاية ضد صحافي مهني، ينضبط لنصوص وقواعد الصحافة والنشر وعمل على التعرض في مقالة، للعنف الهمجي الذي مارسه هذا السادي في حق طليقته وبناته واستخدم في هجومه على مسكنهم رجال شداد غلاظ، وخلف التدخل العنيف في حقهم عجزا مثبتا بالصور والشواهد الطبية 25 يوما و27 يوما على التوالي، وتم استخدام إشهار بندقية صيد في  أحد المشاهد الدرامية، ولا زال فقط في مراحل المساءلة على هذه الفظائع الاجتماعية، ثم تسألنا كيف له الحصول على قطعة أرضية مخصصة للمقاولين الشباب، وهو موظف بأسلاك الوظيفة العمومية، وهذه القطعة الأرضية حظيت بتمويل من المال العام لتنشيط الاستثمار فإذا بها تصبح سكنا في منطقة يسهل فيها ممارسة نظام الغاب ضد الفروع.

ما وقفنا عليه من عنف ضد نساء، واعتداء على سلامتهن الجسدية، جاء في سياق أن المنتظم الدولي والجمعيات الحقوقية والنسائية والمؤسسات الرسمية ببلادنا، عملت طيلة شهر للتحسيس بمخاطر هذه السلوكات، وأن الإدارة العامة للأمن الوطني، عملت على نشر إحصائيات مهولة، حول الظاهرة لإيقاظ الضمير المجتمعي، بضرورة التصدي الجماعي لها واستئصالها من السلوكات اليومية،  لبعض المرضى، لكن صاحب الشكاية توجه ضدنا عبر النيابة العامة، وكان الأجدى به أن يتقدم بدعوة مباشرة، لأننا لا نشكل أي إخلال بالأمن العام ، بل المقال يدخل ضمن طبيعة وظيفة العمل الصحافي الذي يتلقى الأخبار ويعمل على استقصاء المعطيات والدلائل حولها وهذا ما وقع، حين تقدمت الضحية بالصور وأشرطة فيديو التي توثق لمظاهر العنف والاعتداء الذي خلف عجزا في القدرة البدنية من جراء اللكمات القوية ومن جراء كسر أقفال المسكن بفأس حديدية.

إن هذا الحدث العابر لن يصدنا عن وظائفنا في الدفاع عن حقوق الأفراد والجماعات، كلما تم التطاول عليها من أي جهة كانت، وعن حرية التعبير وفضح ما يجب فضحه، من ظواهر اجتماعية شاذة، تتعارض مع التطورات العامة للحقوق المكفولة بالقوانين التي صادقت عليها مملكتنا الشريفة.

إننا نعتقد ونجاري القناعات التي راكمها مجتمعنا عبر سنوات من النضالات المريرة، وقد دخلنا معها في مرحلة جديدة بحثا في نماذج تنموية خلاقة، تعيد الاعتبار إلى قدرات الإنسان في الانعتاق من العوامل الضاغطة للتخلف، وأيضا في التصدي الحازم لكل ما يخدش تطلعاتنا في الديمقراطية وغد أفضل، ولا يحن إلى زمن ولى ومضى إلى غير رجعة حيث كانت تداس حقوق النساء في واضحة النهار.

ومن هذه المنطلقات، سنظل نصر على أننا لن نسهم في بلورة نموذج، تنموي جديد ونقتنع بجدواه وضروراته، إن لم نتصد للتركات السلبية التي أنتجت في ظروف معينة سابقة، ولم تعد الظروف الجديدة تسمح باستمرارها.

إننا لا نشك في أن النيابة العامة بسطات، وأن الشرطة سيعملان بما توافر من معطيات، بشأن القضية إلى التعاطي معها بما يصون الحقوق التي ينظمها تشريعنا الوطني، لا سيما أن قضية العنف لا زالت مفتوحة ولم يتم قول القضاء فيها كلمته الفصل.

ثم أضيف إليها تنويرا آخر، للبحث في قضية حصول الشخص على قطعة من الأرض، مخصصة للمقاولين الشباب، وهل كان يحمل هذه الصفة ساعتها؟ وكيف تمكن من حصد هذه المنفعة واليوم يعاني الاستثمار في المدينة شحة في الوعاء العقاري لخلق المقاولات المنتجة للثراء وتوفير فرص الشغل؟

السلطات العمومية، بدورها معنية بهذه القضية، ولها من الإمكانيات للحصول على المعلومات التي تفيد في هذا الباب.

إن الإنصات للإعلام قد يساهم في تغيير العديد من القيم ومن الأفكار وهذا آملنا الذي لن نحيد عنه.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *