الشباب ومعارك التغيير

الشباب ومعارك التغيير
شارك

فؤاد الجعيدي

لا يمكن أن ننتصر لهذا المغرب الذي نريد ونتطلع إليه، دون أن نتسلح بقناعات أن الأفضل آت، ولن يكون كما نشتهيه ونصبو إليه، دون الانخراط  في محطة الاستحقاقات القادمة، والتي على شبابنا أن يكون حاضرا فيها، ليعاقب من يستحق العقاب، ولتعزيز القوى السياسية التي قد تتقدم إليه بمشاريع البرامج التي تضع نصب أعينها القضايا الحقيقية للشباب وحقهم في التعلم والاستقرار والشعور بالأمان تحت سماء هذا الوطن.

لنكن إيجابيين في التعاطي مع الأحداث وتطوراتها، مغرب اليوم حقق وراكم تجارب مهمة سياسيا واقتصاديا، وهو اليوم في أفضل الأحوال بالمقارنة مع بلدان من الشرق العربي والبلدان المجاورة في الشمال الإفريقي، لكن هناك أيضا الاعتراف بالاختلالات والهشاشة، التي لا زالت تمس العديد من المغاربة وبالأخص الشباب منهم، وهي اختلالات كانت نتيجة طبيعية لسياسات لم تستحضر شروط الاستقرار الاجتماعي للفئات المحرومة والمقصية من الدورة الانتاجية ولا تتمتع بضمان سبل العيش الكريم.

إن هذه الاختيارات التي أنتجت هذا الواقع، هي التي تقع عليها المساءلة، ووجب على الأحزاب السياسية تقديم الحساب على تدبيرها الأعرج للسياسات العمومية.

صحيح أن أوضاع السياسيين،  تغيرت نحو الأفضل وأخص بالذكر الوزراء الذين تعاقبوا على الحكومات على الأقل منذ سنة 2011، حيث ضمنوا ووفروا الشغل لأبنائهم وأحفادهم والاستقرار في نعيم الحياة لأسرهم، وهو أمر لا يحدث في الدول الديمقراطية العريقة، حيث أن المساس بالمال العام وتوظيفه لتحسين الأحوال الشخصية أمر يصل إلى المساءلة القانونية ومن تبعاته أيضا الإقالة من المناصب الحكومة.

لكن في بلادنا، لم نصل بعد إلى تجريم الاغتناء من ممارسة السياسة، والتي تظل في كل الأحوال، مهاما تطوعية لا يجوز استخدامها جسرا ومعبرا للتسلق الاجتماعي.

الواقع يحبل بالشواهد العديدة، بل من السياسيين من جعل الأمر مفخرة له ولعشيرته، وهو أمر يكشف عن ضعف القيم الأخلاقية لمن يتبجح ببلوغ هذه الأهداف الذاتية، والتي تكون مقيتة حين نرى عواقبها على المعيش اليومي للعديد من الأسر.

ومن هذا المنطلق، وضرورة التصدي لكذا سياسات غير عادلة اجتماعيا، على الشباب الانخراط القوي في الاستحقاقات والمشاركة الواسعة فيها، وهو المؤهل في المراقبة والتتبع.. وعليه الأمل في صناعة هذا المغرب القادم بكل تطلعاته وطموحاته..

المدخل الحقيقي لإنجاز هذه التطلعات وهو أمر ممكن، لن يستقيم إلا بالمبادرة للتسجيل في اللوائح الانتخابية، وممارسة هذا الحق الوطني في اختيار نخب مؤهلة سياسيا ومعرفيا للقيام بالتغيير المنتظر.

التسجيل في اللوائح الانتخابية، شرطا أساسيا من شروط التغيير وهو تغيير لن يفرضه سوى الشباب، المتشبع بقيم الحداثة والمؤمن بالانتقال إلى أوضاع أفضل مما كان. وأن لا يجاري المتشككين في المسلسل الديمقراطي الذي عرفته بلادنا منذ سنوات، والذي لا زال في أطوار التشكل، لكنه يعرف في كل مرحلة من مراحله نقلات نوعية.

وهذا الرهان هو الذي سيمكن بلادنا من صمامات الأمان المطلوبة للاستمرار، في البحث عن أكثر الأشكال الاجتماعية عدالة وإنصافا.

admin

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *