المطلوب، ليس جلد كلية الحقوق بسطات، وإنما المصالحة الشجاعة معها
فؤاد الجعيدي
اعتدنا وفي العديد من الملفات الساخنة في المغرب، أن لا نترك القضاة وشأنهم في تحقيق العدالة وفق التشريع الوطني وما يكونونه من قناعات حول الابحاث والاعترافات التي وصلت إليهم.
المركز الافريقي لحقوق الإنسان يدخل على الخط، والأحداث لازالت في بدايتها الأولى.
ما أثارني في بيان المركز، أنه سارع للإشادة بأعمال جهات يدخل التحقيق في صلب مهامها، وتتقاضى أجورها من المال العام مقابل الوظائف التي تقوم بها وتظل الإشادة لا معنى لها.
لا يخفى أن البيان، صيغ بأسلوب توجيهي، وذلك بدعوته للجهات المختصة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة في حق من تبث تورطه في هذا الملف.
وهنا يصبح لا معنى للإشادة من حيث أن هناك نزوعا للتشكك.
وأيضا ما معنى المطالبة، برأس عميد كلية الحقوق. وتنظيم ندوة حول التحرش الجنسي داخل الجامعة تحت موضوع (قراءة في القانون والواقع).. وأن يكون من بين المشاركين رئيس منظمة التجديد الطلابي وإعلامية ومحامية عضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لحقوق الضحايا..
من كل هذا ينتابني شعور بالألم من المزايدات المكشوفة لهذه الضجة حين سقط الثور تكاثرت عليه السكاكين.
لو جاء للندوة خبراء في علم النفس والاجتماع سنقول أنها محاولات في فهم السلوكات النفسية والاجتماعية داخل مجتمع يعيش تناقضات قوية ما بين عمقه المحافظ ومحاولاته للانعتاق من ثقل البنيات الموروثة والتصالح مع الحداثة المنشودة..
ولو عقدت مقارنات ما بين وجود الظاهرة في مجتمعنا وفي المجتمعات المتقدمة نسبيا علينا سنجد لها كل المبررات للاقتناع بجدواها..
ألم تشتعل أزمة، داخل الكنيسة والمتعلقة بالفضائح الجنسية؟ ألم يؤلف المفكرون المغاربة أطروحات في ،العلاقات الجنسية داخل المسيد في سلطة الفقيه على المتعلمين من حفظة القرآن..
لكن تنظيم ندوة بهذا الشكل المشار إليه أعلاه أمر حزين ومخز لأصحابها، الذين يسارعون الزمن قبل انطلاق المحاكمة والتي يريدها المركز الافريقي لحقوق الإنسان أن تكون عادلة وهو يصب الزيت على النار.
علينا أن نكون شجعانا وأن لا نلعب في المياه العكرة لنؤثر على السلطة القضائية بهذا النبش المبتذل.
علينا أن نضع ثقتنا في العدالة ودرجات التقاضي ونتصرف بحكمة وأن لا نضع أنفسنا مكان القضاة الذين هم أهل الاختصاص ومعهم السادة المحامون الذين سيترافعون في ملف ما بات يعرف بالنقط مقابل الجنس بجامعة الحقوق بسطات.
علينا حتما التواري وإخراس ألسنتنا والتعفف بنوايانا السيئة، للدخول في الشوط الأخير لمحاولة ربح الرهان لكفة دون أخرى، فمن شروط المحاكمة العادلة أن نلوذ بالصمت في هذا الظرف بالذات.
المحاكمة ليس مقصودة في ذاتها، بل الأمور التي علينا المساهمة العاجلة في الخوض فيها كيف ندافع عن الجامعة وكيف نعمل لمصالحتها مع محيطها، هذا المحيط الذي بات يتناقل الأخبار الشفوية ويضيف إليها أحداثا وروايات ووقائع لا وجود لها في الواقع.
لكن اعلموا جميعا أن الجامعة تظل جامعة، ومن مهامها الكبرى المساهمة في البناء والوطني وتنوير العقول بالبحث العلمي، وما حدث من زلات لن تجعلنا نصد على احترام الأساتذة الأجلاء. ومن يبتغي غير ذلك فله نوايا سياسية ضيقة بحثا في موطأ قدم لتحصيل المنافع.