لا يكفي أن نلعن الأزمات
فؤاد الجعيدي
يبدو أن السيد أخنوش رئيس الحكومة المغربية، ظل عاجزا على فتح أبواب الأمل التي بشر بها المغاربة قبل الاستحقاقات الأخيرة.
والفاعلون السياسيون، الذين يدورون في فلكه، يعيشون تيها في زمن تقلبات المحيط الخارجي والذي يظل الشماعة التي يعلقون عليها كل العجز المتراكم.
الخطاب السياسي برمته اليوم، نراه مهادنا مع الأزمة ولا يجرأ على مواجهتها بما يقتضي الوضع من إجراءات، تستحضر التوازنات الاجتماعية، لكي لا تصير الأزمة طاحونة على أرزاق الناس اليومية لكنها تنتج رغدا في ضفاف من ينعمون بمسالك رواج المال.
في بعض الدول الغربية، وجدت حكوماتها إجراءات للتخفيف من تصاعد أثمنة البترول، وهي دول لا تنتج نفطا مثل الجارة الاسبانية، وأن الدعم الحكومي فيها هم كل مالكي العربات دون أي استثناء، وأن الدعم يحصل عليه مباشرة من محطات التزود بالطاقة والذي يعادل 5 يورو هات على كل تعبئة من 50 يورو.
لكن الاجتهاد عند حكومتنا أسال المداد دون أن يكون له التأثير المباشر على السلع والخدمات والتنقلات.
ماذا يعني هذا الوضع؟ أن الحكومة، لا تفتح الباب أمام الخبراء والكفاءات الوطنية والقوى الاجتماعية، لما ينبغي أن تكون عليه الاقتراحات وتداعيتها على الاقتصاد الوطني. ولا تتعاطى مع الوضع، انطلاقا من المؤشرات التي يفرزها الواقع الملموس وما يجب القيام به على الأقل لاحتواء الأزمة.
فأن يتناول وزير الفلاحة ومن قبة البرلمان معطيات غير موجود في الواقع عن أثمنة الخرفان، ترك الباب مفتوحا أمام مواقف بعض البرلمانيين للتعاطي بأساليب السخرية من هذه التصريحات، ونفس السخرية امتدت لمواقع التواصل الاجتماعي، للتأكيد على أن الوزراء لا يتعاطون مع واقع ملموس بقدر ما يقدمون انطباعات لا أسس لها من الصحة.
هذا التعاطي يزيد من فقدان منسوب الثقة بين الفاعلين السياسيين وعموم المواطنين الذين يكتوون يوميا بالزيادات في الأسعار والخدمات وبالتالي تتآكل أجورهم بفعل عوامل الغلاء المعيشي.
الأوضاع لا تحتمل الركون للانطباعية، والأزمة تقتضي الجرأة والشجاعة السياسية في مواجهتها بالإجراءات المطلوبة، بعيدا عن التناول القديم الذي يعمل على تصريف الأزمات على حساب قوى اجتماعية دون أخرى.
ومن باب التضامن الوطني، على المحظوظين تحمل نصيبهم في أوضاعنا الصعبة، وأن تبادر الحكومة لتقديم الإشارات الدالة على ما ينبغي أن يكون عليه التضامن الوطني ومعانيه، لخلق جبهة وطنية متماسكة ومتراصة وقوية وقادرة على التصدي إلى الأوضاع العامة، في مغرب يواجه تحديات الاقلاع الاقتصادي الحقيقي، وهي تحديات تجد لها قوى خارجية لا تريد أن تسحب لها بلادنا البساط من تحت مصالحها القوية في الهيمنة، والتنافس الاقتصادي الشرس.